المقتولون. فقال القاتلون : نحن أعظم مصيبة منهم ، نقتل بأيدينا آباءنا وأبناءنا وإخواننا (٣) وقراباتنا ، ونحن لم نعبد ، فقد ساوى بيننا وبينهم في المصيبة.
فأوحى الله تعالى إلى موسى عليهالسلام : يا موسى ، إني إنما امتحنتهم بذلك لأنهم ما اعتزلوهم لما عبدوا العجل ، ولم يهجروهم ، ولم يعادوهم على ذلك ، قل لهم : من دعا الله بمحمد وآله الطيبين يسهل عليه قتل المستحقين للقتل بذنوبهم ؛ فقالوها ، فسهل الله عليهم ذلك ، ولم يجدوا لقتلهم لهم ألما.
فلما استحر القتل (٤) فيهم ـ وهم ستمائة ألف ـ إلا اثني عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل ، وفق الله بعضهم ، فقال لبعضهم ـ والقتل لم يفض (٥) بعد إليهم ، فقال ـ : أو ليس قد جعل الله التوسل بمحمد وآله الطيبين أمرا لا تخيب معه طلبة ، ولا ترد به مسألة؟ وهكذا توسلت الأنبياء والرسل ، فما لنا لا نتوسل؟!».
قال : «فاجتمعوا وضجوا : يا ربنا ، بجاه محمد الأكرم ، وبجاه علي الأفضل الأعظم ، وبحق فاطمة الفضلى ، وبجاه الحسن والحسين سبطي سيد المرسلين ، وسيدي شباب أهل الجنة أجمعين ، وبجاه الذرية الطيبة الطاهرة من آل طه ويس لما غفرت لنا ذنوبنا ، وغفرت لنا عقوبتنا (٦) ، وأزلت هذا القتل عنا ؛ فذاك حين نودي موسى عليهالسلام (٧) : أن كف القتل ، فقد سألني بعضهم شيئا (٨) ، وأقسم علي شيئا (٩) ، لو أقسم به هؤلاء العابدون للعجل ، وسألني العصمة لعصمتهم حتى لا يعبدوه ، ولو أقسم علي بها إبليس لهديته ، ولو أقسم بها علي نمرود أو فرعون لنجيته.
فرفع عنهم القتل ، فجعلوا يقولون : يا حسرتنا ، أين كنا عن هذا الدعاء بمحمد وآله الطيبين حتى كان الله يقينا شر الفتنة ، ويعصمنا بأفضل العصمة؟!».
٤٧٦ / ٢ ـ علي بن إبراهيم ، قال : إن موسى عليهالسلام لما خرج إلى الميقات ، ورجع إلى قومه وقد عبدوا العجل ، قال لهم موسى : (يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ).
فقالوا : وكيف نقتل أنفسنا؟ فقال لهم موسى : اغدوا (١) ـ كل واحد منكم ـ إلى بيت المقدس ، ومعه سكين أو حديدة أو سيف ، فإذا صعدت أنا منبر بني إسرائيل ، فكونوا أنتم ملثمين لا يعرف أحد صاحبه ، فاقتلوا بعضكم
__________________
(٣) في «ط» : وأخواتنا.
(٤) أي اشتدّ. «الصحاح ـ حرر ـ ٢ : ٦٢٩».
(٥) الإفضاء : الانتهاء ، وأفضى إليه : وصل. «لسان العرب ـ فضا ـ ١٥ : ١٥٧».
(٦) في المصدر : هفواتنا.
(٧) في «ط» والمصدر زيادة : من السماء.
(٨) في المصدر : مسألة.
(٩) في المصدر : قسما.
٢ ـ تفسير القمّي ١ : ٤٧.
(١) الظاهر أن الصواب : يغدر.