الله عز وجل بها موسى عليهالسلام أن جعل الله (١) عليهم السبت ، فكان من أعظم السبت ولم يستحل أن يفعل ذلك من خشية الله ، أدخله الله الجنة ، ومن استخف بحقه واستحل ما حرم الله من العمل الذي نهاه الله عنه فيه ، أدخله الله عز وجل النار ، وذلك حيث استحلوا الحيتان واحتبسوها وأكلوها يوم السبت ، غضب الله عليهم من غير أن يكونوا أشركوا بالرحمن ، ولا شكوا في شيء مما جاء به موسى عليهالسلام ، قال الله عز وجل : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ)».
٥٠٦ / ٩ ـ قال الإمام العسكري عليهالسلام : «قال الله عز وجل : (وَإِذْ أَخَذْنا) واذكروا إذ أخذنا (مِيثاقَكُمْ) وعهودكم أن تعملوا بما في التوراة ، وما في الفرقان الذي أعطيته موسى مع الكتاب المخصوص بذكر محمد وعلي والأئمة (١) الطيبين من آلهما ، بأنهم سادة الخلق ، والقوامون بالحق.
وإذ أخذنا ميثاقكم أن تقروا به ، وأن تؤدوه إلى أخلافكم ، وأن تأمروهم أن يؤدوه إلى أخلافهم إلى آخر مقرات (٢) في الدنيا ، ليؤمنن بمحمد نبي الله ، ويسلمن له ما يأمرهم به في علي ولي الله عن الله ، وما يخبرهم به من أحوال خلفائه بعده القوامين بحق الله ، فأبيتم قبول ذلك ، واستكبرتموه.
(وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) الجبل ، أمرنا جبرئيل عليهالسلام أن يقطع من جبل فلسطين قطعة على قدر معسكر أسلافكم فرسخا في فرسخ ، فقطعها ، وجاء بها ، فرفعها فوق رؤوسهم ، وقال موسى عليهالسلام لهم : إما أن تأخذوا بما أمرتم به فيه ، وإما [أن] ألقي عليكم هذا الجبل ؛ والجئوا إلى قبوله كارهين إلا من عصمه الله من العباد (٣) ، فإنه قبله طائعا مختارا ، ثم لما قبلوه سجدوا وعفروا ، وكثير منهم عفر خديه لا يريد (٤) الخضوع لله ، ولكن نظر إلى الجبل هل يقع أم لا ، وآخرون سجدوا طائعين مختارين.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : احمدوا الله ـ معاشر شيعتنا ـ على توفيقه إياكم ، فإنكم تعفرون في سجودكم لا كما عفر (٥) كفرة بني إسرائيل ، ولكن كما عفره خيارهم.
قال الله عز وجل : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) من هذه الأوامر والنواهي ، من هذا الأمر الجليل ، من ذكر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلي وآلهما الطيبين (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) فيما آتيناكم ، اذكروا جزيل ثوابنا على قيامكم به ، وشديد عقابنا على إبائكم له (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) تتقون المخالفة الموجبة للعقاب ، فتستحقون بذلك جزيل الثواب.
__________________
(١) (الله) ليس في «ط».
٩ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٦٦ / ١٣٤ ـ ١٣٩.
(١) (الأئمّة) ليس في المصدر.
(٢) في المصدر : مقدراتي.
(٣) في المصدر : العناد.
(٤) في المصدر : لارادة.
(٥) في المصدر : عفّره.