بدنه وعقله؟ لم لا تدعون الله بمثل دعائهما ، أو تتوسلون إلى الله بمثل توسلهما إليه ، ليسد فاقتكم ، ويجبر كسركم ، ويسد خلتكم؟
فقالوا : اللهم إليك التجأنا (٤١) ، وعلى فضلك اعتمدنا ، فأزل فقرنا وسد خلتنا بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم.
فأوحى الله إليه : يا موسى ، قل لهم ليذهب رؤساؤهم إلى خربة بني فلان ، ويكشفوا في موضع كذا وكذا ـ لموضع عينه ـ وجه أرضها قليلا ، ويستخرجوا ما هناك ، فإنه عشرة آلاف ألف دينار ، ليردوا (٤٢) على كل من دفع في ثمن هذه البقرة ما دفع ، لتعود أحوالهم إلى ما كانت ، ثم ليتقاسموا بعد ذلك ما يفضل ، وهو خمسة آلاف ألف ، على قدر ما دفع كل واحد منهم في هذه المحنة ، لتتضاعف أموالهم ، جزاء على توسلهم بمحمد وآله الطيبين ، واعتقادهم لتفضيلهم.
فذلك ما قال الله تعالى : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) اختلفتم فيها وتدارأتم ، ألقى بعضكم الذنب في قتل المقتول على بعض ، ودرأه عن نفسه وذريته (٤٣) (وَاللهُ مُخْرِجٌ) مظهر (ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) ما كان من خبر القاتل ، وما كنتم تكتمون من إرادة تكذيب موسى عليهالسلام ، باقتراحكم عليه ما قدرتم أن ربه لا يجيبه إليه.
(فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) ببعض البقرة (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) في الدنيا والآخرة كما أحيا الميت بملاقاة ميت آخر : أما في الدنيا فيلاقي ماء الرجل ماء المرأة ، فيحيي الله الذي كان في الأصلاب والأرحام حيا ، وأما في الآخرة فإن الله تعالى ينزل بين نفختي الصور ، بعد ما ينفخ النفخة الأولى من دوين السماء الدنيا ، من البحر المسجور الذي قال الله تعالى : (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) (٤٤) وهو (٤٥) مني كمني الرجل ، فيمطر ذلك على الأرض ، فيلقي الماء المني مع الأموات البالية ، فينبتون من الأرض ويحيون.
قال الله عز وجل : (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) سائر آياته سوى هذه الدلالات على توحيده ، ونبوة موسى عليهالسلام نبيه ، وفضل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم على الخلائق ، سيد إمائه وعبيده ، وتبيين (٤٦) فضله وفضل آله الطيبين على سائر خلق الله أجمعين (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) تتفكرون أن الذي يفعل هذه العجائب لا يأمر الخلق إلا بالحكمة ، ولا يختار محمداً إلا وهم أفضل ذوي الألباب».
٥٠٨ / ٢ ـ ابن بابويه ، قال : حدثني أبي رضياللهعنه ، قال : حدثنا علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر
__________________
(٤١) في «س» : التجاؤنا.
(٤٢) في «س» و «ط» : ويزدادوا.
(٤٣) في المصدر : وذويه.
(٤٤) الطّور ٥٢ : ٦.
(٤٥) في المصدر : وهي.
(٤٦) في المصدر : وتبيينه.
٢ ـ عيون أخبار الرّضا عليهالسلام : ٢ : ١٣ / ٣١.