فقال : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) اذكروا لما أخذنا ميثاق آبائكم (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) الجبل ، لما أبوا قبول ما أريد منهم والاعتراف به (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ) أعطيناكم (بِقُوَّةٍ) يعني بالقوة التي أعطيناكم تصلح لذلك (وَاسْمَعُوا) أي أطيعوا فيه.
(قالُوا سَمِعْنا) بآذاننا (وَعَصَيْنا) بقلوبنا ، فأما في الظاهر فأعطوا كلهم الطاعة داخرين صاغرين ، ثم قال : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ) عرضوا لشرب العجل الذي عبدوه حتى وصل ما شربوه [من] ذلك إلى قلوبهم».
وقال : «إن بني إسرائيل لما رجع إليهم موسى وقد عبدوا العجل تلقوه بالرجوع عن ذلك ، فقال لهم موسى : من الذي عبده منكم حتى أنفذ فيه حكم الله؟ خافوا من حكم الله الذي ينفذه فيهم ، فجحدوا أن يكونوا عبدوه ، وجعل كل واحد منهم يقول : أنا لم أعبده وإنما عبده غيري ، ووشى (٣) بعضهم ببعض ؛ فذلك (٤) ما حكى الله عز وجل عن موسى من قوله للسامري : (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً) (٥) فأمره الله ، فبرده بالمبارد ، وأخذ سحالته فذرأها في البحر العذب ، ثم قال لهم : اشربوا منه ؛ فشربوا ، فكل من كان عبده اسودت شفتاه وأنفه ممن كان أبيض اللون ، ومن كان منهم أسود اللون ابيضت شفتاه وأنفه ، فعند ذلك أنفذ فيهم حكم الله».
٥٦٢ / ٢ ـ العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، في قول الله عز وجل : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ).
قال : «لما ناجى موسى عليهالسلام ، ربه أوحى إليه : أن يا موسى ، قد فتنت قومك. قال : وبماذا ، يا رب؟ قال : بالسامري. قال : وما [فعل] السامري؟ قال : صاغ لهم من حليهم عجلا.
قال : يا رب ، إن حليهم لتحتمل [أن يصاغ] منها غزال أو تمثال أو عجل ، فكيف يفتنهم (١)؟ قال : إنه صاغ لهم عجلا فخار (٢). قال : يا رب ، ومن أخاره؟ قال : أنا. فقال عندها موسى : (إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) (٣) ـ قال ـ : فلما انتهى موسى إلى قومه ورءاهم يعبدون العجل ، ألقى الألواح من يده فتكسرت».
__________________
(٣) وشى به : أي سعى. «الصحاح ـ وشى ـ ٦ : ٢٥٢٤».
(٤) في المصدر : فكذلك.
(٥) طه ٢٠ : ٩٧.
٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٥١ / ٧٣.
(١) في المصدر : فتنتهم.
(٢) خار الثور : صاح. «الصحاح ـ ٢ : ٦٥١».
(٣) الأعراف ٧ : ١٥٥.