يَخْتَلِفُونَ [١١٣]
٥٨٣ / ١ ـ قال الإمام العسكري عليهالسلام : «قال الله عز وجل : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) من الدين ، بل دينهم باطل وكفر (وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ) من الدين ، بل دينهم باطل وكفر (وَهُمْ) اليهود (يَتْلُونَ الْكِتابَ) التوراة».
فقال : «هؤلاء وهؤلاء مقلدون بلا حجة ، وهم يتلون الكتاب فلا يتأملونه ، ليعملوا بما يوجبه فيتخلصوا من الضلالة ، ثم قال : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) الحق ، ولم ينظروا فيه من حيث أمرهم الله ، فقال بعضهم لبعض وهم مختلفون ، كقول اليهود والنصارى بعضهم لبعض ، هؤلاء يكفر هؤلاء ، وهؤلاء يكفر هؤلاء.
ثم قال الله تعالى : (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) في الدنيا يبين ضلالتهم وفسقهم ، ويجازي كل واحد منهم بقدر استحقاقه.
وقال الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام : إنما أنزلت الآية لأن قوما من اليهود ، وقوما من النصارى جاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا : يا محمد ، اقض بيننا. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : قصوا علي قصتكم.
فقالت اليهود : نحن المؤمنون بالإله الواحد الحكيم وأوليائه ، وليست النصارى على شيء من الدين والحق.
وقالت النصارى : بل نحن المؤمنون بالإله الواحد الحكيم وأوليائه ، وليست اليهود على شيء من الدين والحق.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كلكم مخطئون مبطلون ، فاسقون عن دين الله وأمره.
فقالت اليهود : كيف نكون كافرين وفينا كتاب الله التوراة نقرؤه؟
وقالت النصارى : كيف نكون كافرين ولنا كتاب الله الإنجيل نقرؤه؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنكم خالفتم ـ أيها اليهود والنصارى ـ كتاب الله ولم تعملوا به ، فلو كنتم عاملين بالكتابين لما كفر بعضكم بعضا بغير حجة ، لأن كتب الله أنزلها شفاء من العمى ، وبيانا من الضلالة ، يهدي العاملين بها إلى صراط مستقيم ، وكتاب الله إذا لم تعملوا به (١) كان وبالا عليكم ، وحجة الله إذا لم تنقادوا لها كنتم لله عاصين ، ولسخطه متعرضين.
ثم أقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على اليهود ، فقال : احذروا أن ينالكم بخلاف أمر الله وبخلاف كتابه ما أصاب أوائلكم الذين قال الله فيهم : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) (٢) وأمروا بأن يقولوه.
قال الله تعالى : (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) (٣) عذابا من السماء ، طاعونا نزل بهم فمات
__________________
سورة البقرة آية ـ ١١٣ ـ
١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٥٤٤ / ٣٢٥ و ٣٢٦.
(١) في «ط» نسخة بدل : ما فيه.
(٢ ، ٣) البقرة ٢ : ٥٩.