رجل لا يرجع حتى يقتل أو يغلب ، ومن رجع عن التابوت كفر ، وقتله الإمام.
فأوحى الله إلى نبيهم : أن جالوت يقتله من تستوي عليه درع موسى ، وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب عليهالسلام اسمه داود بن آسي (١) ، وكان آسي راعيا ، وكان له عشرة بنين أصغرهم داود. فلما بعث طالوت إلى بني إسرائيل ، وجمعهم لحرب جالوت ، بعث إلى آسي : أن أحضر ولدك ، فلما حضروا دعا واحدا واحدا من ولده ، فألبسه الدرع ، درع موسى عليهالسلام ، فمنهم من طالت عليه ، ومنهم من قصرت عنه. فقال لآسي : هل خلفت من ولدك أحدا؟ قال : نعم ، أصغرهم تركته في الغنم راعيا (٢) ، فبعث إليه [ابنه] فجاء به ، فلما دعي أقبل ومعه مقلاع (٣) ـ قال ـ فنادته ثلاث صخرات في طريقه ، قالت : يا داود ، خذنا. فأخذها في مخلاته ، وكان شديد البطش ، قويا في بدنه ، شجاعا.
فلما جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى فاستوت عليه ، ففصل طالوت بالجنود ، وقال لهم نبيهم : يا بني إسرائيل ، إن الله مبتليكم بنهر ، في هذه المفازة ، فمن شرب منه فليس من حزب الله ، ومن لم يشرب فإنه من حزب الله إلا من اغترف غرفة بيده. فلما وردوا النهر ، أطلق الله لهم أن يغرف كل واحد منهم غرفة بيده ، فشربوا منه إلا قليلا منهم ، فالذين شربوا منه كانوا ستين ألفا ، وهذا امتحان امتحنوا به ، كما قال الله».
١٣٥٤ / ٥ ـ وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : «القليل الذين لم يشربوا ولم يغترفوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، فلما جاوزوا النهر ونظروا إلى جنود جالوت ؛ قال الذين شربوا منه : (لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) وقال الذين لم يشربوا : (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (١).
فجاء داود حتى وقف بحذاء جالوت ، وكان جالوت على الفيل ، وعلى رأسه التاج ، وفي جبهته (٢) ياقوتة ، يلمع نورها ، وجنوده بين يديه. فأخذ داود من تلك الأحجار حجرا ، فرمى به في ميمنة جالوت ، فمر في الهواء ووقع عليهم فانهزموا ، وأخذ حجرا آخر ، فرمى به في ميسرة جالوت ، فوقع عليهم فانهزموا ، ورمى جالوت بحجر ثالث فصك الياقوتة في جبهته ، ووصل إلى دماغه ، ووقع إلى الأرض ميتا».
١٣٥٥ / ٦ ـ محمد بن يعقوب : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عز وجل : (إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ).
__________________
(١) كذا ، وفي أغلب المصادر : إيشا.
(٢) في المصدر : يرعاها.
(٣) المقلاع : الذي يرمى به الحجر. «الصحاح ـ قلع ـ ٣ : ١٢٧١».
٥ ـ تفسير القمّي ١ : ٨٣.
(١) ما يأتي من بقيّة هذا الحديث هو تتمّة للحديث المتقدّم آنفا.
(٢) في نسخة م «ط» : وفي وجهه.
٦ ـ الكافي ٨ : ٣١٦ / ٤٩٨.