فأكلته فرجع مسرورا ، ومن لم أقبل ذلك منه رجع مثبورا ، وقد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها ومساكينها ، فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة ، ومن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا ، وقد رفعت ذلك عن أمتك ، وهي من الآصار التي كانت على الأمم من قبلك (٧).
وكانت الأمم السالفة صلاتها مفروضة [عليها] في ظلم الليل وأنصاف النهار ، وهي من الشدائد التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمتك وفرضت صلاتهم في أطراف الليل والنهار ، وفي أوقات نشاطهم.
وكانت الأمم السالفة قد فرضت عليهم خمسين صلاة في خمسين وقتا ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمتك وجعلتها خمسا في خمسة أوقات ، وهي إحدى وخمسون ركعة ، وجعلت لهم أجر خمسين صلاة.
وكانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة ، وسيئتهم بسيئة ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمتك ، وجعلت الحسنة بعشرة والسيئة بواحدة.
وكانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة ثم لم يعملها لم تكتب له ، وإن عملها كتبت له حسنة ، وإن أمتك إذا نوى (٨) أحدهم حسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة وإن لم يعملها ، وإن عملها كتبت له عشرة ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمتك.
وكانت الأمم السالفة إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها لم تكتب عليه ، وإن عملها كتبت عليه سيئة ، وإن أمتك إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها كتبت له حسنة ، وهذه من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك.
وكانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم ، وجعلت توبتهم من الذنوب : أن حرمت عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم ، وقد رفعت ذلك عن أمتك ، وجعلت ذنوبهم فيما بيني وبينهم ، وجعلت عليهم ستورا كثيفة ، وقبلت توبتهم بلا عقوبة ، ولا أعاقبهم بأن احرم عليهم أحب الطعام إليهم.
وكانت الأمم السالفة يتوب أحدهم (٩) من الذنب الواحد مائة سنة ، أو ثمانين سنة أو خمسين سنة ، ثم لا أقبل توبتهم دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمتك ، وإن الرجل من أمتك ليذنب عشرين سنة ، أو ثلاثين سنة ، أو أربعين سنة ، أو مائة سنة ، ثم يتوب ويندم طرفة عين ، فأغفر له ذلك كله.
فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهم إذا أعطيتني ذلك كله فزدني. قال : سل. قال : (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) ، فقال تبارك اسمه : قد فعلت ذلك بأمتك ، وقد رفعت عنهم جميع (١٠) بلايا الأمم ، وذلك حكمي في جميع الأمم : أن لا اكلف خلقا فوق طاقتهم.
__________________
(٧) في المصدر : من كان من قبلك.
(٨) في المصدر : إذا همّ.
(٩) في المصدر زيادة : إلى الله.
(١٠) في المصدر : عظم ، وفي «ط» : جميع عظيم.