آدم وقسمه عليها وفرقه فيها ، فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها ، فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم ، وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره.
وأما ما فرض على القلب من الإيمان : فالإقرار ، والمعرفة ، والعقد ، والرضا ، والتسليم بأن لا إله إلا هو وحده لا شريك له إلها واحدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن محمدا عبده ورسوله ، والإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب. فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة ، وهو عمله ، وهو قول الله تعالى : (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) (١) ، وقال : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (٢) ، وقال : (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (٣) ، وقال : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) ، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة ، وهو عمله ، وهو رأس الإيمان».
١٥٨١ / ٨ ـ عن عبد الصمد بن بشير (١) ، قال : ذكر عند أبي عبد الله عليهالسلام بدء الأذان ، فقال : إن رجلا من الأنصار رأى في منامه الأذان ، فقصه على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يعلمه بلالا (٢).
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «كذبوا ، إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان نائما في ظل الكعبة ، فأتاه جبرئيل عليهالسلام ومعه طاس فيه ماء من الجنة ، فأيقظه وأمره أن يغتسل ، ثم وضع في محمل له ألف ألف لون من نور ، ثم صعد به حتى انتهى إلى أبواب السماء ، فلما رأته الملائكة نفرت عن أبواب السماء ، وقالت : إليهن : إله في الأرض ، وإله في السماء؟! فأمر الله جبرئيل عليهالسلام ، فقال : الله أكبر ، الله أكبر. فتراجعت الملائكة نحو أبواب السماء وعلمت أنه مخلوق ، ففتحت الباب ، فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى انتهى إلى السماء الثانية ، فنفرت الملائكة عن أبواب السماء ، فقالت : إلهين : إله في الأرض ، وإله في السماء؟! فقال جبرئيل : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، فتراجعت الملائكة وعلمت أنه مخلوق ، ثم فتح الباب ، فدخل صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومر حتى انتهى إلى السماء الثالثة ، فنفرت الملائكة عن أبواب السماء ، فقال جبرئيل : أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، فتراجعت الملائكة ، وفتح الباب.
ومر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى انتهى إلى السماء الرابعة ، فإذا هو بملك متكى وهو على سرير ، تحت يده ثلاث مائة ألف ملك ، تحت كل ملك ثلاث مائة ألف ملك ، فهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : بالسجود ، وظن أنه هو ، فنودي : أن قم ـ قال ـ فقام الملك على رجليه ـ قال ـ فعلم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه عبد مخلوق ـ قال ـ فلا يزال قائما
__________________
(١) النّحل ١٦ : ١٠٦.
(٢) الرّعد ١٣ : ٢٨.
(٣) المائدة ٥ : ٤١.
٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٧ / ٥٣٠.
(١) في «س وط» : شبية ، تصحيف صواب ما في المتن ، انظر رجال النجاشي : ٢٤٨ / ٦٥٤ ومعجم رجال الحديث ١٠ : ٢٢ والحديث الآتي.
(٢) زاد في «ط ، س» : قال محمّد بن الحسن في حديثه : نفرت عن أبواب السماء ، إلهنا. ولم ترد هذه الزيادة في المصدر.