٢ ـ وعنه : «قال الله عز وجل : (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) أي إن كنتم إياه تعبدون فاشكروا نعمة الله بطاعة من أمركم بطاعته من محمد وعلي وخلفائهم الطيبين».
٣ ـ (شرح نهج البلاغة) : قال : واعلم أن الذي رويته عن الشيوخ ورأيته بخط عبد الله بن أحمد بن الخشاب (رحمهالله) : أن الربيع بن زياد الحارثي أصابته نشابة في جبينه فكانت تنتقض عليه في كل عام ، فأتاه علي عليهالسلام عائدا ، فقال : «كيف تجدك أبا عبد الرحمن؟» قال : أجدني ـ يا أمير المؤمنين ـ لو كان لا يذهب ما بي إلا بذهاب بصري لتمنيت ذهابه.
قال : «وما قيمة بصرك عندك؟» قال : لو كانت لي الدنيا لفديته بها.
قال : «لا جرم ليعطينك الله على قدر ذلك ، إن الله يعطي على قدر الألم والمصيبة ، وعنده تضعيف كثير».
قال الربيع : يا أمير المؤمنين ، ألا أشكوا إليك عاصم بن زياد أخي؟ قال : «ما له»؟ قال : لبس العباء وترك الملاء (١) ، وغم أهله وحزن ولده.
فقال عليهالسلام : «ادعوا لي عاصما» فلما أتاه عبس في وجهه ، وقال : «ويحك ـ يا عاصم ـ أترى الله أباح لك اللذات ، وهو يكره ما أخذت منها؟ لأنت أهون على الله من ذلك ، أو ما سمعته يقول : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) (٢) ثم قال : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (٣) وقال : (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) (٤).
أما والله ابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال ، وقد سمعتم الله يقول : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (٥) ، وقوله : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) (٦).
إن الله خاطب المؤمنين بما خاطب به المرسلين ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) وقال : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً) (٧) ، وقال رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لبعض نسائه : مالي أراك شعثاء (٨) مرهاء (٩) سلتاء (١٠)؟».
__________________
٢ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٥٨٥ / ٣٤٩.
٣ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١١ : ٣٥.
(١) الملاء والملاءة : ثوب رقيق ذو شقّين.
(٢) الرحمن ٥٥ : ١٩.
(٣) الرحمن ٥٥ : ٢٢.
(٤) فاطر ٣٥ : ١٢.
(٥) الضحى ٩٣ : ١١.
(٦) الأعراف ٧ : ٣٢.
(٧) المؤمنون ٢٣ : ٥١.
(٨) الشّعثاء : التي أغبر رأسها وتلبّد شعرها وانتشر لبعد عهده بالدّهن.
(٩) المرهاء : التي تركت الاكتحال حتّى تبيضّ بواطن أجفانها.