الذين نزل التنزيل والتأويل في بيوتهم ، وأوتوا من العلم ما لم يؤته غيرهم ، بل كان يجب التوقف حتى يأتي تأويله عنهم ، لأن علم التنزيل والتأويل في أيديهم ، فما جاء عنهم عليهمالسلام فهو النور والهدى ، وما جاء عن غيرهم فهو الظلمة والعمى.
والعجب كل العجب من علماء علمي المعاني والبيان ، حيث زعموا أن معرفة هذين العلمين تطلع على مكنون سر الله جل جلاله من تأويل القرآن ؛ قال بعض أئمتهم : ويل ثم ويل لمن تعاطى التفسير وهو في هذين العلمين راجل.
وذلك أنهم ذكروا أن العلمين مأخوذان من استقراء تراكيب كلام العرب البلغاء ، باحثان عن مقتضيات الأحوال والمقام ؛ كالحذف ، والإضمار ، والفصل ، والوصل ، والحقيقة ، والمجاز ، وغير ذلك.
ولا ريب أن محل ذلك من كتاب الله جل جلاله تحتاج معرفة إلى العلم به من أهل التنزيل والتأويل ، ـ وهم أهل البيت عليهمالسلام ـ الذين علمهم الله سبحانه وتعالى ، فلا ينبغي معرفة ذلك إلا منهم ، ومن تعاطى معرفته من غيرهم ركب متن عمياء ، وخبط خبط عشواء ، فما ذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون؟
وقد كنت أولا قد جمعت في كتاب (الهادي) (١) كثيرا من تفسير أهل البيت عليهمالسلام قبل عثوري على تفسير الشيخ الثقة محمد بن مسعود العياشي ، وتفسير الشيخ الثقة محمد بن العباس بن ماهيار المعروف بـ (ابن الحجام) ما ذكره عنه الشيخ الفاضل شرف الدين النجفي ، وغيرهما من الكتب الآتي ذكرها في الباب السادس عشر في ذكر الكتب المأخوذ منها الكتاب ، وذكر مصنفيها من مقدمة الكتاب ، وهذه الكتب من الكتب المعتمد عليها والمعول والمرجع إليها ، مصنفوها مشايخ معتبرون وعلماء منتجبون.
وربما ذكرت في كتاب التفسير عن ابن عباس ـ على قلة ـ إذ هو تلميذ مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، وربما ذكرت التفسير من طريق الجمهور إذا كان موافقا لرواية أهل البيت عليهمالسلام ، أو كان في فضل أهل البيت عليهمالسلام ، كما رواه ابن المغازلي الشافعي ، عن ابن عباس ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ، قال : «القرآن أربعة أرباع : فربع فينا أهل البيت خاصة ، وربع حلال ، وربع حرام ، (٢) وربع فرائض وأحكام ، والله أنزل فينا (٣) كرائم القرآن». (٤)
والعجب من مصنفي تفسير الجمهور ، مع روايتهم هذه الرواية ، أنهم لم يذكروا إلا القليل في تفاسيرهم من فضل أهل البيت عليهمالسلام ولا سيما متأخرو مفسريهم كصاحب الكشاف والبيضاوي.
ثم إن لم أعثر في تفسير الآية من صريح رواية مسندة عن أهل البيت عليهمالسلام ، ذكرت ما ذكره الشيخ أبو
__________________
(١) «الهادي ومصباح النادي» تفسير للقرآن في مجلّدات للمؤلف ، مأخوذ من روايات أهل البيت «:».
أنظر الذريعة : ٢٥ : ١٥٤. ومقدمة التحقيق لهذا الكتاب.
(٢) في المصدر : وربع في أعدائنا ، وربع حلال وحرام.
(٣) في المصدر : في عليّ.
(٤) مناقب ابن المغازلي : ٣٢٨ / ٣٧٥.