١٧٣٢ / ١٦ ـ ورواه الثعلبي في تفسير هذه الآية ، عن مقاتل والكلبي ، قال : لما قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الآية على وفد نجران ودعاهم إلى المباهلة ، فقالوا : نرجع وننظر في أمرنا ونأتيك غدا. فخلا بعضهم إلى بعض ، فقالوا للعاقب وكان ديانهم وذا رأيهم : يا عبد المسيح ، ما ترى؟
فقال : والله لقد عرفتم ـ يا معاشر النصارى ـ أن محمدا نبي مرسل ، ولقد جاءكم بالفضل من أمر صاحبكم ، والله ما لاعن قوم قط نبيا فعاش كبيرهم ، ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم ذلك لتهلكن ، وإن أبيتم إلا دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم.
فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد غدا محتضنا للحسن وآخذا بيد الحسين وفاطمة تمشي خلفه وعلي يمشي خلفها ، وهو يقول لهم : «إذا أنا دعوت فأمنوا» فقال اسقف نجران : يا معاشر النصارى ، إني لأرى وجوها لو أقسموا على الله أن يزيل جبلا لأزاله ، فلا تباهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.
فقالوا : يا أبا القاسم ، لقد رأينا أننا لا نباهلك ، وأن نتركك على دينك ونثبت على ديننا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فإن أبيتم المباهلة فأسلموا ، يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم». فأبوا ، فقال : «إني أنابذكم للحرب» فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ، ولا تخيفنا ، ولا تردنا عن ديننا ، على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة : ألفا في صفر ، وألفا في رجب. فصالحهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على ذلك.
ورواه أيضا أبو بكر بن مردويه بأكمل من هذه الألفاظ وهذه المعاني ، عن ابن عباس والحسن والشعبي والسدي.
وفي رواية الثعلبي زيادة ، وهي : قال : «والذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم الوادي عليهم نارا ، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ، وما حال الحول على النصارى حتى هلكوا». فأنزل الله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ) (١) الآية.
١٧٣٣ / ١٧ ـ ورواه الشافعي ابن المغازلي في كتاب (المناقب) عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قدم أهل نجران على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، العاقب والسيد (١) ، فدعاهما إلى الإسلام ، فقالا : أسلمنا ـ يا محمد ـ قبلك. قال : «كذبتما ، إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام؟». قالا : هات (٢).
قال : «حب الصليب ، وشرب الخمر ، وأكل الخنزير» فدعاهما إلى الملاعنة ، فوعداه أن يغادياه بالغداة ،
__________________
١٦ ـ عنه في العمدة لابن البطرق : ١٨٩ / ٢٩٠ ، وعنه في غاية المرام : ٣٠٠ / ٣ ، وعنه في إحقاق الحق ٣ : ٤٩.
(١) آل عمران ٣ : ٦٢.
١٧ ـ مناقب المغازلي : ٢٦٣ / ٣١٠ ، شواهد التنزيل ١ : ١٢٢ / ١٧٠ ، النور المشتعل : ٤٩ / ٣.
(١) في المصدر : الطيّب.
(٢) في المصدر : فهات أنبئنا.