سئل عن معنى قول طلحة بن أبي طلحة لما بارزه علي عليهالسلام : يا قضيم.
قال : «إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بمكة لم يجسر عليه أحد لموضع أبي طالب فأغروا به الصبيان ، وكانوا إذا خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يرمونه بالحجارة والتراب ، فشكا ذلك إلى علي عليهالسلام ، فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، إذا خرجت فأخرجني معك. فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومعه أمير المؤمنين عليهالسلام فتعرض الصبيان لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كعادتهم ، فحمل عليهم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ، وكان يقضمهم في وجوههم وآنافهم وآذانهم ، فكان الصبيان يرجعون باكين إلى آبائهم ويقولون : قضمنا علي ، قضمنا علي ، فسمي لذلك : القضيم».
١٩٠٢ / ٧ ـ علي بن إبراهيم : وروي عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، قال : كنت اماشي عمر بن الخطاب (١) إذ سمعت منه همهمة ، فقلت له : مه ، ماذا يا عمر؟ فقال : ويحك ، أما ترى الهزبر (٢) القضم بن القضم (٣) ، والضارب بالبهم (٤) ، الشديد على من طغى وبغى بالسيفين والراية؟ فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب عليهالسلام. فقلت له : يا عمر ، هو علي بن أبي طالب. فقال : ادن مني حتى أحدثك من شجاعته وبطولته : بايعنا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم احد على أن لا نفر ، ومن فر منا فهو ضال ، ومن قتل منا فهو شهيد ، والنبي زعيمه ، إذ حمل علينا مائة صنديد تحت كل صنديد مائة رجل أو يزيدون ، فأزعجونا عن طاحونتنا (٥) ، فرأيت علينا كالليث يتقي الذر ، إذا حمل كفا من حصى فرمى به في وجوهنا ، ثم قال : «شاهت الوجوه وقطعت (٦) وبطت (٧) ولطت (٨) ، إلى أين تفرون ، إلى النار؟!» فلم نرجع ، ثم كر علينا الثانية وبيده صفيحة (٩) يقطر منها الموت ، فقال : «بايعتم ثم نكثتم ، فو الله لأنتم أولى بالقتل ممن أقتل» فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان (١٠) يتوقدان نارا ، أو كالقدحين المملوءين دما ، فما ظننت إلا ويأتي علينا كلنا ، فبادرت أنا إليه من بين أصحابي ، فقلت : يا أبا الحسن ، الله الله ، فإن العرب تكر وتفر ، فإن الكرة تنفي الفرة.
__________________
٧ ـ تفسير القمّي ١ : ١١٤.
(١) في المصدر : أماشي فلانا ، وكذا في الموارد الآتية.
(٢) الهزبر : من أسماء الأسد. «لسان العرب ـ هزر ـ ٥ : ٢٦٣».
(٣) في «ط» : القضيم بن القضيم ، والقضم : الذي يقضم الناس فيهلكهم. «النهاية ٤ : ٧٨».
(٤) قال المجلسي : البهم : جمع بهمة ، وهي الحيلة الشديدة ، والشجاع الذي لا يدرى من أين يؤتى ، والصخرة ، والجيش ، والأنسب هنا الأوّل والآخر. «بحار الأنوار ٢٠ : ٦٧».
(٥) قال المجلسي : الطاحونة استعيرت هنا لمجتمع القوم ومستقرّهم. «بحار الأنوار ٢٠ : ٦٧» وفي المصدر : طحونتنا ، والطحون : الكتيبة العظيمة.
«القاموس المحيط ـ طحن ـ ٤ : ٢٤٧».
(٦) قطّت : قطعت عرضا.
(٧) بطّت : شقّت.
(٨) لطّت : منعت حقها.
(٩) الصفيحة : السيف العريض.
(١٠) السّلط : ما يضاء به ومن هذا قيل للزيت : سلط. «لسان العرب سلط ـ ٧ : ٣٢١».