والعمل بما فيه حتى لا يسع أحدا جهله ، ولا يعذر في تركه.
ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا ، ورواه مشايخنا وثقاتنا ، عن الذين فرض الله طاعتهم ، وأوجب ولايتهم ، ولا يقبل العمل إلا بهم.
وهم الذين وصفهم الله تبارك وتعالى ، وفرض سؤالهم ، والأخذ منهم ، فقال : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٤) فعلمهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهم الذين قال الله تبارك وتعالى في كتابه المجيد ، وخاطبهم فى قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا ـ القرآن ـ لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ ـ يا معشر الأئمة ـ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ). (٥)
فرسول الله شهيد عليهم ، وهم شهداء على الناس ، فالعلم عندهم ، والقرآن معهم ، ودين الله عز وجل الذي ارتضاه لأنبيائه وملائكته ورسله منهم يقتبس ، وهو قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «ألا إن العلم الذي هبط به آدم (عليه الصلاة والسلام) من السماء إلى الأرض ، وجميع ما فضل (٦) به النبيون إلى خاتم النبيين ، عندي وعند عترة خاتم النبيين ، فأين يتاه بكم ، بل أين تذهبون؟».
وقال أيضا أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته : «لقد علم المستحفظون من أمة (٧) محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : إني وأهل بيتي مطهرون ، فلا تسبقوهم فتضلوا ، ولا تتخلفوا عنهم فتزلوا ، ولا تخالفوهم فتجهلوا ، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ، (٥) أعلم الناس كبارا ، وأحلم الناس صغارا ، فاتبعوا الحق وأهله حيث كان».
ففي الذي ذكرنا من عظيم خطر القرآن وعلم الأئمة (صلوات الله عليهم) كفاية لمن شرح الله صدره ، ونور قلبه ، وهداه للإيمان ، ومن عليه بدينه ، وبالله نستعين ، وعليه نتوكل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل. (٨) فالقرآن منه ناسخ ، ومنه منسوخ ، ومنه محكم ، ومنه متشابه ، ومنه خاص ، ومنه عام ، ومنه تقديم ، ومنه تأخير ، ومنه منقطع معطوف ، ومنه حرف مكان حرف ، ومنه محرف ، ومنه على خلاف ما أنزل الله عز وجل.
ومنه لفظه عام ومعناه خاص ، ومنه لفظه خاص ومعناه عام ، ومنه آيات بعضها في سورة وتمامها في سورة أخرى ، ومنه ما (٩) تأويله في تنزيله ، ومنه ما تأويله مع تنزيله ، ومنه ما تأويله قبل تنزيله ، ومنه ما تأويله بعد تنزيله ، ومنه رخصة إطلاق بعد الحصر ، ومنه رخصة صاحبها فيها بالخيار ، إن شاء فعل ، وإن شاء ترك ، ومنه رخصة
__________________
(٤) النّحل ١٦ : ٤٣.
(٥) الحجّ ٢٢ : ٧٧ و ٧٨.
(٦) في المصدر : ما فضلت.
(٧) في «ط» نسخة بدل ، والمصدر : أصحاب.
(٨) في المصدر زيادة : هم.
(٩) في المصدر زيادة : قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الهاشمي القمي.
(١٠) (ما) ليس في «ط».