عن الغنية والتنقيح : دعوى الإجماع عليه (١) من أنّه (يكفي في) شهر (رمضان أن ينوي أنّه يصوم) غدا (متقرّبا إلى الله تعالى) إذ لا يعقل أن يتقرّب بصوم الغد إلّا بعد أن يراه طاعة وعبادة ، فالذي يتعلّق قصده به في الحقيقة هو الصوم المأمور به في الغد ، وهو في رمضان منحصر بصومه ، فهو المقصود لدى التحليل لا غير.
ولكن الذي يقتضيه التحقيق : أنّه لا يحتاج تصحيح هذه النيّة في صوم رمضان إلى هذا التكلّف ؛ إذ الحق الذي ينطبق عليه ظواهر الأدلّة السمعيّة : أنّ ماهيّة الصوم الذي اخترعه الشارع وجعله من أفضل العبادات ماهيّة واحدة ، وهي : الكفّ عن المفطرات من طلوع الفجر إلى الغروب مع النيّة ، ولكن تعرضها أحكام مختلفة باختلاف أزمنة وقوعها ، فهي في رمضان واجبة ، وفي العيدين محرّمة ، وفي سائر الأوقات مندوبة على اختلاف مراتب محبوبيّتها باختلاف الأوقات التي ندب فيها.
وقضيّة ذلك : أن يكون لأزمنة وقوعه من حيث هي دخل في قوام مطلوبيّته ، فصوم كلّ يوم ما عدا العيدين من حيث هو لا بوصف زائد عليه مطلوب شرعا : أمّا بأمر وجوبي أو ندبي.
وقضيّة ذلك : عدم الفرق بين رمضان وغيره ، ففي أيّ وقت نوى أن يصوم غدا وصام ، صحّ صومه ، ووقع امتثالا للأمر المتعلّق بصوم ذلك الوقت من حيث هو ، وهو الأمر الوجوبي في شهر رمضان ، والندبي في غيره ، كما حكي القول به عن بعض ستأتي الإشارة إليه.
__________________
(١) حكاه صاحب الرياض فيها ١ : ٣٠١ ، وراجع : الغنية (الجوامع الفقهية) : ٥٠٩ ، والتنقيح الرائع ١ : ٣٤٨.