منه إرادة نفي البأس عنه لعدم كونه ممّا يؤكل.
ولكن الظاهر عدم إرادة هذا المعنى منه ، ولذا لا يفهم منه أنّه لو أكل الذباب اختيارا حتى شبع لا يبطل بذلك صومه ، بل المراد به أنّه في مثل الفرض ليس بطعام ، يعني لا يسمّى أكلا ، نظير ما ورد في صحيحة ابن أبي يعفور من تعليل نفي البأس عن الاكتحال : بأنّه ليس بطعام (١) ، إذ الظاهر أنّ المراد به أنّ الاكتحال ليس أكلا ، لا أنّ الكحل ليس من جنس المأكول ، وإلّا لفهم منه فساد الصوم في ما لو اكتحل بدقيق ونحوه ممّا هو ممّا يؤكل ، مع أنّه لا يفهم منه ذلك ، بل يفهم عدمه.
ولو سلّم ظهور مثل هذه الأخبار في نفي البأس عن أكل ما لا يعتاد أكله ، فلا ينبغي الالتفات إليه بعد شذوذ القول به على تقدير تحقّقه في مقابل ما عرفت ، والله العالم.
(و) يجب أيضا الإمساك (عن الجماع) المتحقّق بإدخال الحشفة أو قدرها من مقطوع الذكر ، كما تقدّم البحث عنه في مبحث غسل الجنابة وإن لم ينزل (في القبل) للمرأة (إجماعا) كما صرّح به غير واحد ، ويدلّ عليه : ظاهر الكتاب والسنّة.
أمّا الكتاب : فقوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ)
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٥٨ / ٧٦٦ ، الإستبصار ٢ : ٨٩ / ٢٧٩ ، الوسائل : الباب ٢٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ٦.