وأمّا هبته على غيره : فتجويزها يحتاج إلى مراجعة أدلّتها وكيفيّة استظهار اعتبار القبض فيها ، ولا ملازمة بين المقامين ، فبعد قصور الدليل في ما نحن فيه عن التعميم لا نقول به ، ولو كان دليل الهبة أيضا كذلك ، ولم يكن في المسألة إجماع لا نقول به فيها أيضا.
وكيف كان ، فالمتّبع في كلّ باب هو دليله.
وأمّا المناقشة الثانية : فيدفعها : أنّ الظاهر من قوله تعالى «فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ» (١) وقوله ـ عليهالسلام ـ : لا رهن إلّا مقبوضا (٢) أن يكون نفس الرهن بنفسها مقبوضة ، وظاهر أنّ قبض الفرد ليس قبض نفس الكلّي من حيث هو ، ولذا يجوز تبديله بفرد آخر.
ومساعدة العرف على تسميته قبضا له في بعض المقامات مبنيّة على المسامحة لا على التحقيق.
فيما ذكرنا تقرّر أنّ الأقوى عدم جواز رهن الدين ؛ لتعذّر القبض ، وأمّا الكلّي الخارجي كما لو رهن منّا من صبرة من الحنطة ، فالظاهر جوازه ، كما في المشاع ؛ إذ لا امتناع في قبضه ، والفرق بين الكلّي الخارجي والمشاع والفرد المردّد قد أوضحنا لك في كتاب البيع ، فراجع.
(و) كما لا يصح رهن الدين (كذا) لا يصح رهن المنفعة ، فـ (لو رهن) ه (منفعة كسكنى الدار وخدمة العبد) لم ينعقد الرهن ؛ لما عرفت من تعذّر القبض.
مضافا إلى دعوى الاتّفاق ، وعدم وجدان مخالف في المسألة.
__________________
(١) البقرة ٢ الآية ٢٨٣.
(٢) التهذيب ٧ : ١٧٦ / ٧٧٩ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب كتاب الرهن ، الحديث ١.