وفيه : نظر ؛ فإنّ احتمال المصادفة ينافي الجزم بكونه كذبا ، لا أنّه على تقدير كونه كذبا يجعله كذبا صادرا لا عن عمد ، وإلّا لم يصحّ العقاب عليه ، فمن أخبر بشيء لا يعلم بمطابقته للواقع ، فقد قصد الكذب على تقدير المخالفة ، كما أنّ من شرب أحد الإناءين اللذين يعلم إجمالا بأنّ أحدهما خمر ، يكون قاصدا لشرب الخمر على تقدير كونه في هذا الإناء ، ولذا يعامل معه على تقدير المصادفة معاملة العامد ، كما هو الشأن في سائر التكاليف.
وكيف كان ، فالمنساق إلى الذهن من الأخبار الدالّة على مفطرية الكذب إنّما هو : الكذب الممنوع منه شرعا ، فلو وقع على وجهه مرخوص فيه لتقيّة ونحوها ، فالظاهر عدم ترتّب الفساد عليه.
ودعوى : أنّ التقيّة ترفع حكم الإثم دون الإفطار ؛ مجدية لو لم ندّع فيه الانصراف المزبور ، كما لا يخفى.
نعم ، الظاهر عدم الفرق بين الصبي والبالغ ؛ فإنّ عدم مؤاخذة الصبي عليه ليس لإباحته في حقّه ، بل لرفع القلم عنه ، وعدم مؤاخذته على ارتكاب المحرّمات ، فهو مكلّف بترك الكذب أيضا على حدّ تكليفه بترك الأكل والشرب في صومه ، ولكنه غير ملزم شرعا بالخروج عن عهدته ، فليتأمّل.
وهل يعتبر في الكذب المزبور توجيهه إلى مخاطب قصد إفهامه ، أم يكفي مجرّد تكلّمه ولو عند نفسه ، أو موجّها إلى من لا يعقله؟ صرّح بعض (١) بالأوّل. ولا بأس به ؛ لأنّه المتبادر من أدلّته.
(و) كذا يجب الإمساك (عن الارتماس) على الأشهر ، كما في
__________________
(١) كما في كتاب الصوم للشيخ الأنصاري : ٥٧٨.