التحقيق إن بنينا على أنّ صوم التطوّع كصوم الكفّارة والنذر وغيره قسم خاص من الصوم ، وليس جنس الصوم من حيث هو متعلّقا لأمر شرعي ، بل هو قدر مشترك بين الأنواع المطلوبة شرعا.
وأمّا على ما اخترناه من أنّ طبيعة الصوم من حيث هي لا بوصف زائد عليها هي التي أوجبها الشارع في شهر رمضان وندبها في سائر الأيّام عدا الأوقات التي حرّم صومها ، وأنّ للصوم من حيث هو أحكاما مختلفة باختلاف أزمنة وقوعه ، وله أحكام أخر متعلّقة به لا من حيث هو ، بل باعتبارات أخر خارجة عن حقيقته ، كوقوعه نيابة عن ميّت أو كفّارة أو وفاء بالنذر وشبهه ، فالمتّجه ما ذكره الشهيد في بعض تحقيقاته ، كما تقدّمت الإشارة إليه ، وسيأتي لذلك مزيد توضيح في مسألة الصوم تطوّعا لمن عليه القضاء.
(ولا بدّ من حضورها) أي النيّة (عند أوّل جزء من الصوم ، أو تبييتها مستمرّا على حكمها) كغيره من العبادات المشروطة بالنيّة حيث يعتبر في صحتها حصولها بجملتها من أوّلها إلى آخرها بقصد الإطاعة ، فلا بدّ فيه وفي غيره ممّا يعتبر فيه حصوله بعنوان الإطاعة من إرادة تفصيلية ناشئة من تصوّر الفعل وغايته ، باعثة له على اختياره بهذا العنوان ، مقارنة لأوّل زمان الأخذ فيه ، أو متقدّمة عليه بشرط بقاء حكمها ، أي باعثيّتها على اختيار الفعل لغايته المتصوّرة.
وقد أشرنا في صدر المبحث إلى أنّ بقاء أثرها في ما لو كان المنوي فعلا وجوديّا يتوقّف على بقاء مرتبة من مراتبها في النفس بنحو من الإجمال ، صالحة لبعث الفاعل على اختياره ، وهذا هو الذي نسمّيه بالداعي.
وأمّا في الصوم ونحوه ممّا كان المنوي ترك فعل ، فلا حاجة إلى