إنّهم يزعمون السبب ما عدا ذلك ، وإلّا فلا فرق في ذلك عند العقل بين الأمر الذي اعتبره العرف أو بيّنه الشارع ، وهذا ظاهر.
وبهذا ظهر لك أنّ دعوى تخصيص هذه الأدلّة بإطلاق قوله ـ عليهالسلام ـ : لا رهن إلّا مقبوضا (١) كتقييد دليل وجوب الوفاء بالعقود غير مسموعة ؛ إذ بعد تسليم ظهورها في الإطلاق ، والغضّ عن عدم كون هذه الرواية ناظرة إلّا إلى بيان اشتراط القبض في الجملة ، وأنّه بالنسبة إلى هذه الجهات مهملة ، ففيه : أنّ هذه القواعد المتقنة المحكمة المؤيّدة بالعقل والنقل لا يجوز رفع اليد عنها بمجرّد ظهور اللفظ في الإطلاق خصوصا في مثل المقام الذي ربّما يدّعى انصرافها في حدّ ذاتها إلى المقبوضية التي تحقّقت بإذن المالك ، وليس بالبعيد.
وأضعف من ذلك : دعوى الاقتصار على القدر المتيقّن من التقييد ، وهو مطلق القبض بعد البناء على إهمال دليل المقيّد ، كما لا يخفى ، فظهر أنّ اعتبار الإذن ممّا لا إشكال فيه.
مضافا إلى دعوى نفي القول الثالث ، بل يمكن دعوى الإجماع التقديري ، بأن يقال : الكلّ مطبقون على أنّه لو اعتبر القبض ، للزم أن يكون عن إذن ، فيثبت الحكم بالإجماع بعد إثبات المعلّق عليه ، فتدبّر.
(وكذا) لا يصحّ الرهن (لو نطق بالعقد ، ثم جنّ أو أغمي عليه ، أو مات قبل القبض) مثلا على إشكال فيها ، خصوصا في الأوّلين منها ، ولا سيّما في أوسطها ، خصوصا إذا بنينا على أنّ القبض معتبر في اللزوم دون الصحّة ، فإنّ القول بالصحّة فيها على هذا التقدير قويّ.
__________________
(١) التهذيب ٧ : ١٧٦ / ٧٧٩ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب كتاب الرهن ، الحديث ١.