ثمّ إنّ المتبادر من سؤال السائل في الصحيحة المزبورة ، وكذا من جواب الإمام ـ عليهالسلام ـ اعتبار النصاب فيما أخرج من المعدن دفعة أو دفعات في حكم الواحد ، بأن لا يتحقّق بينها (١) الإعراض ، كما صرّح به شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ـ وفاقا لما حكاه عن العلّامة في المنتهى والتحرير وحاشية الشرائع وشرح المفاتيح والرياض ـ خلافا للمحكي عن الشهيدين في الدروس والمسالك والأردبيلي وصاحبي المدارك والذخيرة (٢) ـ تمسّكا بالعمومات المتضمّنة لوجوب الخمس في هذا النوع.
وفيه : أنّ العبرة بظاهر النصّ الخاصّ الدالّ على اعتبار النصاب.
اللهمّ إلّا أن يمنع ظهور النصّ الخاصّ في ذلك ، أو يقال : بأنّ ظهوره في ذلك ليس على وجه يعتدّ به في رفع اليد عن إطلاق الأدلّة.
والأوجه : أن يقال : إنّ الإعراض المتخلّل في البين إن كان على وجه عدّ العود إليه في العرف عملا ابتدائيّا مستأنفا بحيث يكون فعله بعد الإعراض وقبله بمنزلة دفعات واقعة في أزمنة متباعدة من باب الاتّفاق من غير ارتباط بعضها ببعض ، لوحظ كلّ فعل من أفعاله بحياله موضوعا مستقلّا.
وأمّا إن لم يكن كذلك ، بل كان عوده اليه بمنزلة إعراضه عن إعراضه السابق ، والرجوع الى عمله ، فهو بحكم ما لو لم يتحقّق بينهما إعراض في استفادة وجوب الخمس فيه عند بلوغ مجموعه النصاب من الخبر الخاصّ ، فضلا عن العمومات الدالّة عليه.
__________________
(١) ورد في النسخة الخطية والطبعة الحجرية : بينهما ، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) كتاب الخمس للشيخ الأنصاري : ٥٢٤ ، وراجع : منتهى المطلب ١ : ٥٤٩ ، وتحرير الأحكام ١ : ٧٣ ، ورياض المسائل ١ : ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ، والدروس ١ : ٢٦٠ ، ومسالك الأفهام ١ : ٤٥٩ ، ومجمع الفائدة والبرهان ٤ : ٢٩٦ ، ومدارك الأحكام ٥ : ٣٦٧ ، وذخيرة المعاد : ٤٧٨.