أقول : لا شبهة في عدم اندراجه في مفهوم الكنز لا عرفا ولا لغة ، بل قد عرفت ـ في ما سبق ـ أنّ الكنز الذي هو من هذا القبيل ممّا يعدّ بالفعل عرفا مال مجهول المالك ليس له هذا الحكم ، فثبوت الخمس فيه إنّما يتّجه لو قلنا به في مطلق الفوائد والغنائم ، أو قلنا بدخوله في أرباح المكاسب ، كما يظهر من الحلّي في السرائر حيث قال في باب اللقطة ما لفظه : وكذلك إذا ابتاع بعيرا أو بقرة أو شاة وذبح شيئا من ذلك فوجد في جوفه شيئا أقلّ من مقدار الدرهم أو أكثر عرّفه من ابتاع ذلك الحيوان منه ، فإن عرفه أعطاه إيّاه ، وإن لم يعرفه أخرج منه الخمس بعد مئونة طول سنته ؛ لأنّه من جملة الغنائم والفوائد ، وكان له الباقي ، وكذلك حكم من ابتاع سمكة فوجد في جوفها درّة أو سبيكة وما أشبه ذلك ؛ لأنّ البائع باع هذه الأشياء ولم يبع ما وجد المشتري فلذلك وجب تعريف البائع.
وشيخنا أبو جعفر الطوسي ـ رحمهالله ـ لم يعرّف بائع السمكة الدرّة ، بل ملّكها المشتري من دون تعريف البائع.
ولم يرد بهذا خبر من أصحابنا ولا رواه عن الأئمّة أحد منهم ، والفقيه سلّار في رسالته يذهب إلى ما اخترناه ، وهو الذي تقتضيه أصول مذهبنا (١). انتهى.
ولكنّك ستعرف أنّ الالتزام بثبوته في مطلق الفائدة لا يخلو عن إشكال ، وإدراج مثل الفرض على إطلاقه في قسم الأرباح أشكل ، نعم لا يبعد اندراجه فيه لو كان التكسّب مقصورا بأصل الشراء ، والله العالم.
(ولو ابتاع سمكة فوجد في جوفها شيئا أخرج خمسه ، وكان له
__________________
(١) السرائر ٢ : ١٠٦ ، وراجع : النهاية : ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، والمراسم : ٢٠٦.