وأمّا النبويّ الوارد في المقام : فالظاهر أيضا حجّيته ؛ لانجبار ضعفه بما عرفت من الإجماع والاعتماد.
هذا إذا بنينا على ما ذكر ، وأمّا إذا بنينا على أنّ مفاد الرهن إنّما هو حبس المال عن المالك ، وقصر يده عنه ، وقطع سلطنته منه ، لا مجرّد إحداث حقّ للمرتهن ، فيكون كالعبد الجاني ، بل الراهن اعتزل عن المال ، وجعله بمنزلة الأجنبي منه حتى يستوفي المرتهن منه حقّه.
ولعلّ هذا البناء هو الأظهر من مفهوم الرهن وإن لم يظهر لنا موافقة السيد في ذلك.
وعلى هذا ، فالمنع متّجه ولو لم يثبت إجماع ولا رواية.
نعم ينبغي استثناء ما لا ينسبق إلى الذهن ، ولا يعدّ مثله تصرّفا عرفا ، كما أنّه ينبغي استثناء ما يعود نفعه إلى الرهن ، ووجههما واضح ، خصوصا الأخير ، حيث إنّ عقد الرهن ربما يقتضي ذلك مقدّمة للحفظ ، فكيف يستفاد منه المنع عن مثل هذا التصرّف ، واستثناء هاتين الصورتين على البناء الأوّل أوضح ، كما هو واضح.
ثم لا يخفى عليك أنّ ما ذكرنا من منافاة الرهن للتصرّف ، سواء كان لأجل الإجماع والرواية ، أو لاقتضاء مفهوم الرهن ذلك إنّما يمنع عن نفوذ التصرّفات المنجّزة الواقعة عن المالك على نحو الاستقلال ، لا ما يكون بمجرّد إيقاع العقد عليه مترقّبا لإجازة المرتهن أو متوقّعا لانفكاك الرهانة ؛ إذ لا يعدّ مثل ذلك تصرّفا ممنوعا منه بالنسبة إلى غير المالك ، كما ذكرنا في الفضولي ، فضلا عن المالك.
فعلى هذا (لو (١) باع أو وهب) مثلا (وقف على إجازة
__________________
(١) في الشرائع : ولو.