الكوفة ونحوها ممّا يوجد فيها من آثار بني أميّة وبني العبّاس ونظرائهم ممّن يحكم ظاهرا بإسلامهم ؛ فإن أحدا من المتشرّعة لا يتوقّف في تملّك ما بقي من آثارهم من الأحجار والأخشاب والكنوز وغيرها.
ويؤيّده أيضا ، بل يشهد له : الأخبار الواردة في الكنز ونحوه ، فإنّها وإن لم تكن مسوقة لبيان الحكم من هذه الجهة ، ولكنّه يفهم منها مفروغيّة صيرورة الكنز ملكا لواجده عند حيازته على حسب ما جرت العادة في تملّكه.
ويشهد له أيضا : عموم ما دلّ على حيازة المباحات ، مثل : (من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له) (١) إذ ليس المقصود به عدم سبقه إليه أصلا ، وإلّا لم يجز التمسّك به في كثير من الموارد التي استدلّ به الأصحاب ، بل المقصود به كونه بالفعل بلا مالك عرفا ، فيعمّ مثل المقام.
وكون مثل هذه الأشياء في الواقع ملكا للإمام ـ على القول به ـ غير ضائر ؛ فإنّ مثل هذه العمومات أمّا إذن من الإمام ـ عليهالسلام ـ ، أو إمضاء لما في أيدي الناس من معاملة المباحات في مثل هذه الأمور ولو من باب الإرفاق والتوسعة على شيعته.
والحاصل : أنّ الأموال التي ليس لها مالك معروف على قسمين :قسم يعدّ في العرف بلا مالك بحيث لو سئل عن مالكه ، يقال : بأنّه لا مالك له ، كالأمثلة المزبورة.
وقسم لا يسلب عرفا إضافته إلى مالك ، بل يقال : إنّ مالكه غير معروف ، فهذا القسم إمّا لقطة إن كان المال ضائعا على مالكه ، وإلّا
__________________
(١) عوالي اللآلي ٣ : ٤٨ / ٤.