فتأمّل.
وكيف كان ، فالظاهر أنّه لا إشكال في جواز رهنه في هذه الأزمنة المتعذّر فيها إقامة الحدود.
فما عن بعض (١) من إطلاق القول بعدم الجواز في الفطري ، بل في غيره أيضا ، ضعيف.
(و) كذا يصحّ رهن (الجاني خطأ ، وفي العمد تردّد ، والأشبه) الأظهر : (الجواز) كسابقه ؛ لحصول المقتضي الذي هو استجماع شرائط الرهن ؛ إذ الظاهر عدم خروجه بالجناية عن ملك مالكه ، بل هو باق على ما كان ، فيجوز لمالكه التصرّف فيه بما يشاء ، إلّا أن يمنعه مانع.
وما يصلح لأن يتوهّم كونه مانعا في المقام ليس إلّا تعلّق حقّ المجني عليه به ، وهو غير مانع عن الرهن ، كما تقرّر في مبحث البيع ؛ لعدم المنافاة ، إذ ليس حقّه إلّا سلطنته على استرقاقه ولكن بشرط امتناع المالك عن الفداء في الأول ، وهذا هو الفارق بين القسمين.
ولعلّه لذا تردّد المصنّف ـ رحمهالله ـ في القسم الثاني أوّلا دون الأول ؛ نظرا إلى أنّ حقّ المجني عليه تعلّقه برقبة العبد فيه أجلى ، حيث إنّ اختيار الفداء في العمد له بخلافه في الخطأ ؛ فإنّه بيد المالك.
وكيف كان ، فلا ينافي نفوذ التصرّفات الصادرة عن المالك قبل أن يسترقّه ؛ إذ غاية ما يقتضيه حقّه جواز استرقاقه مهما شاء بعد تحقّق شرطه من امتناع المالك في القسم الأول ، سواء كان باقيا على ملك المالك أو نقله إلى الغير.
__________________
(١) حكاه عن ابن الجنيد صاحب الجواهر فيها ٢٥ : ١٣٤.