ولكن يدفعه : أنّ المقصود بذلك هو النهي عن إيقاعه على هذا الوجه في اليوم الذي لا يلتزم فيه سائر الناس بصومه على أنّه من رمضان ، فتلك الجهة العارضة من عوارضه المشخّصة المتّحدة معه وجودا ، فيمتنع استقلالها بالحرمة ، كما هو واضح.
نعم لا يبعد أن يدّعى أنّ المنساق إلى الذهن من هذا النوع من النواهي في أخبار أهل البيت عليهمالسلام ، مع ما فيها من التعليل المناسب للكراهة : إنّما هو إرادة الكراهة ، وهي غير مقتضية لبطلان العبادة ، كما تقرّر ذلك في العبادات المكروهة ، كالوضوء بالماء المسخّن بالشمس ونحوه ، فالإنصاف : أنّ الجزم ببطلان الصوم في هذه الصورة أيضا لا يخلو عن إشكال ، والله العالم.
(و) قد ظهر بما قرّرناه : أنّه (لو صام) يوم الشكّ (على أنّه إن كان من رمضان ، كان واجبا ، وإلّا كان مندوبا) أنّ الأصحّ هو ما (قيل) من أنّه يصح صومه و (يجزئ) عن رمضان إذا انكشف أنّه منه ، كما نقل عن الشيخ في الخلاف والمبسوط والعماني وابن حمزة والفاضل في المختلف والشهيد في جملة من كتبه (١) ؛ لما أشرنا إليه من أنّ هذا هو وجهه الواقعي الذي يبعث المكلّف غالبا على اختيار صوم هذا اليوم متقرّبا بإطاعة أمره الواقعي المعيّن عند الله ، المردّد عنده بين الأمرين ، فيمتنع أن لا يكون مجزيا.
وما يقال من أنّ حقيقة صوم رمضان تغاير حقيقة الصوم المندوب ، كما يكشف عن ذلك اختلاف أحكامهما ، فإذا لم يعيّن حقيقة أحدهما
__________________
(١) حكاه صاحب الجواهر فيها ١٦ : ٢١٢ ، وراجع : الخلاف ٢ : ١٧٩ ، المسألة ٢١ ، والمبسوط ١ : ٢٧٧ ، والوسيلة : ١٤٠ ، والمختلف : ٢١٥ ، والبيان : ٢٢٥ ، والدروس ١ : ٢٦٧.