وما تجده في النفس من الوسوسة فيه فليس ذلك إلّا لتطرّق الاحتمال المزبور من تشريع هذا الحكم لاستيفاء الحق المتعلّق بالأراضي العشرية من الزكاة أو الخراج ، وإلّا فلو علم بإرادته من نفس الأرض التي يشتريها الذمّي أو قيمتها ولو لم تكن من أرض الخراج ، بل ولا من المزارع ـ كما يقتضيه إطلاق النصّ ـ فلا يكاد يتوهّم منه إلّا إرادة خمسها لأصحاب الخمس المعروفين في الشريعة ـ زاد الله شرفهم ـ كما يؤيّد ذلك فهم الأصحاب وعدم نقل خلاف فيه من أحد ، والله العالم.
ثم إنّ مقتضى الجمود على ظاهر النصّ والفتوى قصر الحكم المزبور على خصوص ما لو اشتراها الذمّي من مسلم ، ولكن صرّح كاشف الغطاء بعمومه لما تملّكها منه بعقد معاوضة كائنة ما كانت دون الانتقال المجاني.
وعن ظاهر الشهيدين عمومه حتى في الانتقال المجاني.
قال شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ـ : وهل الحكم المذكور يختصّ بالشراء ، كما هو ظاهر المشهور ، أو يعم مطلق المعاوضة ، كما اختاره كاشف الغطاء ، أو مطلق الانتقال ولو مجّانا ، كما هو ظاهر الشهيدين؟ فيه إشكال : من اختصاص النصّ والفتوى بالشراء ، ومن عمومه عرفا لسائر المعاوضات ، ومن أنّ المناط هو الانتقال ، كما يستفاد من نقل أقوال العامة والخاصة في المعتبر والمنتهى والتذكرة ، حيث إنّ ظاهر الأقوال المذكورة عن العامة في مقابل الإمامية هو : مطلق الانتقال.
مضافا إلى الاستدلال على مذهب الإمامية في المنتهى بقوله : لنا : أنّ في إسقاط العشر إضرارا بالفقراء ؛ فإن تعرّضوا لذلك ضوعف عليهم (فأخرج الخمس) (١).
__________________
(١) ورد بدل ما بين القوسين في النسخة الخطية : فالخمس ، وفي الطبع الحجري : بالخمس. وفي المصدر في الموضع الأول منه كما في النسخة الخطية ، وكلاهما تصحيف. وفي الموضع الثاني من المصدر كما أثبتناه ، وهو موافق لما في المنتهى ١ : ٥٤٩ ، وهو الصحيح.