ستعرف أنّ الأشبه فيه وجوب القضاء لو لم نقل بأنّه أيضا من أقسامه ، إلّا أنّه جزمه جزم غير مستقر لا يخلو عن قوة.
وأمّا القسم الثاني : وهو ما كان مبنيّا على المسامحة ، كما هو الغالب في موارده ، المنصرف إليه إطلاق المتن ونحوه ، فلا شبهة في فساد صومه.
وأمّا الكفّارة : فالأشبه عدمها بناء على ما قوّيناه من اختصاصها بمن أفطر متعمّدا ، فإنّه لم يتعمّد بفعله الإفطار في نهار رمضان حتى يطلق عليه هذا العنوان ، وإلّا لم يجتمع مع عزمه على الصوم ، والمفروض خلافه. وابتناؤه على المسامحة إنّما يصحّح العقاب عليه ؛ لا اندراجه تحت هذا العنوان عرفا.
نعم ، لو بنينا على ترتّب الكفّارة على مطلق الإفطار غير السائغ شرعا ، اتّجه الالتزام بها في المقام لو لم ينعقد الإجماع على خلافه ، ولكنك عرفت ـ في ما سبق ـ ضعف المبنى.
هذا كلّه في ما إذا لم يحصل له بواسطة الظلمة ونحوها الظنّ بدخول الليل.
(و) أمّا (لو غلب على ظنّه) وكان في السماء علّة من غيم أو عجّة (١) ونحوها ، كما هو منصرف كلماتهم في هذا المقام ، حيث إنّ الغالب أنّ الظلمة الموهمة لا تكون إلّا عن علّة سماوية مانعة عن تحصيل العلم بالغروب ، فلا خلاف بين علمائنا ظاهرا ـ كما ادّعاه في المدارك (٢) ـ في أنّه يجوز له الإفطار تعويلا على ظنّه ، كما أنّه يجوز الدخول في الصلاة حيثما عرفته في مبحث المواقيت (٣).
__________________
(١) مصطلح دارج ، أراد : العجاجة وهو الغبار ، وقيل : هو من الغبار ما ثوّرته الريح. لسان العرب ٢ :٣١٩.
(٢) مدارك الأحكام ٦ : ٩٥.
(٣) راجع : كتاب الصلاة (الطبعة الحجرية) : ٧١.