ثم إنّ مقتضى إطلاق النصّ والفتوى عدم اختصاص الحكم بأرض الزراعة ، بل مطلق الأرض التي اشتراها الذمّي من مسلم ولو أرض المسكن والبساتين ونحوهما ، كما هو صريح جماعة ، خلافا لما حكي (١) عن الفاضلين في المعتبر والمنتهى ، فخصّاه بأرض الزراعة ، واستجوده في المدارك (٢) ؛ نظرا إلى شيوع إطلاق اسم الأرض على أرض الزراعة ، وعدم تعارف التعبير عن الدار والمسكن والبساتين ونحوها إلّا بأساميها الخاصة ، فلو سئل عمّا يملكه فلان ، فقيل له : شيء من الأرض ، أو أمر عبده بشراء شيء من الأرض ، لا يتبادر منه إلّا إرادة المزرع.
وفيه : أنّ هذا إنّما هو لأجل المناسبات المغروسة في الذهن المقتضية للصرف في خصوصيّات الموارد ، ولذا لا ينصرف إليها في مثل قولهم : «الأرض تطهّر باطن النعل» وقوله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا) (٣) إلى غير ذلك من الموارد.
والحاصل : أنّ نفس الأرض من حيث هي مهما أطلقت لا ينسبق إلى الذهن منها إلّا نفسها من حيث هي ، وإنّما ينسبق إلى الذهن بعض أنواعها في بعض الموارد لقرائن حالية ونحوها ، وفي ما نحن فيه لا مقتضي للصرف عن الأرض البياض التي اشتراها لأن يعمّرها دارا أو مسكنا أو بستانا ونحوه وإن لم تكن بالفعل قابلة للزرع ولا معدودة لدى العرف من أرض الزراعة.
__________________
(١) حكاه الشيخ الأنصاري في كتاب الخمس : ٥٣٧ ، وراجع : المعتبر ٢ : ٦٢٤ ، ومنتهى المطلب ١ : ٥٤٩.
(٢) مدارك الأحكام ٥ : ٣٨٦.
(٣) الفقيه ١ : ١٥٥ / ٧٢٤ ، الخصال ١ : ٢٩٢ / ٥٦ ، الوسائل : الباب ٧ من أبواب التيمم ، الحديث ٢ و ٤.