أنّه في حدّ ذاته من الجمع المقبول الذي لا يحتاج إلى شاهد خارجي.
واستدلّ للقول بالترتيب : بإطلاق خبر المشرقي (١) المتقدّم ، الذي قد عرفت أنّ مقتضى الجمع بينه وبين إطلاق الأمر بالصوم أو الإطعام في سائر الأخبار : الحمل على الوجوب التخييري.
وبما رواه الصدوق في الفقيه عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري عن أبي جعفر ـ عليهالسلام : أنّ رجلا أتى النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، فقال : هلكت وأهلكت ، قال : وما أهلكك؟ قال : أتيت امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم ؛ فقال النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ : أعتق رقبة ؛ قال : لا أجد ؛ قال : فصم شهرين متتابعين ؛ فقال : لا أطيق ؛ قال : تصدّق على ستين مسكينا ، قال : لا أجد ، فاتي النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ بعذق من مكتل (٢) فيه خمسة عشر صاعا من تمر ، فقال النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ : خذها فتصدّق بها ، فقال : والذي بعثك بالحق نبيّا ما بين لابتيها (٣) أهل بيت أحوج إليه منّا ، فقال : خذه فكله أنت وأهلك فإنّه كفّارة لك (٤).
وأجاب عنه في المدارك أوّلا : بالطعن في السند : بجهالة الراوي ، فلا يعارض الأخبار السليمة.
وثانيا : بأنّ أمر النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ بالشيء بعد الشيء ليس صريحا في الترتيب ، ولو كان كذلك لوجب تنزيله على الاستحباب ، فنكون جامعين بين العمل بالروايتين ، وليس كذلك لو
__________________
(١) راجع الهامش (٥) من الصفحة السابقة.
(٢) المكتل : الزنبيل الكبير. النهاية لابن الأثير ٤ : ١٥٠.
(٣) اللابة : الحرّة. وهي : الأرض ذات الحجارة السود. النهاية لابن الأثير ٤ : ٢٧٤.
(٤) الفقيه ٢ : ٧٢ / ٣٠٩ ، الوسائل : الباب ٨ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ٥.