هشام بن سالم المتقدّمة : إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه ، وإن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى فيه (١) انتهى.
أقول : الظاهر أنّ المقصود بالرواية نقصانه من حيث الفضيلة واستحقاق الأجر ، لا كونه صوما من ذلك الوقت ، وإلّا لكان عليه أن ينوي الصوم بإمساكه من هذا الحين.
مع أنّه بهذا القصد تشريع ، وإنّما المشروع أن ينوي الصوم بترك المفطرات الحاصل من أوّل اليوم ، فالنيّة اللاحقة بالنسبة إلى الإمساك السابق : إمّا من قبيل إجازة الفضولي يجعله بحكم المنوي ، أو أنّه يستكشف من اكتفاء الشارع بها أنّ حقيقة الصوم هي ترك المفطرات في مجموع النهار مع النيّة ، بأن يكون مجموعه من حيث المجموع اختياريّا له بعنوان الإطاعة ، لا كلّ جزء جزء من أجزائه ، كما تقدّم تصويره في صدر المبحث.
فصوم يوم الجمعة ـ مثلا ـ ليس إلّا كما لو نذر أن لا يدخل في يوم الجمعة دار زيد ، أو لا يتكلّم معه ، فلو غفل عن نذره ولم يلتفت إلّا بعد الزوال من ذلك اليوم ، فإن حصل منه مخالفة نذره ـ وهو الدخول في دار زيد في زمان غفلته ـ فقد سقط التكليف بالوفاء بالنذر بحصول مخالفته لا عن قصد ، وإلّا فعليه تركه في ما بقي من النهار ، ويتحقّق به عنوان الوفاء ، ويستحقّ أجره ، فكذلك في ما نحن فيه.
فمن أصبح ولم يتناول شيئا من المفطرات حتى ارتفع النهار ، أو إلى العصر ، ثم بدا له رأي في صوم ذلك اليوم وتركها اختيارا في بقيّة
__________________
(١) مدارك الأحكام ٦ : ٢٦ ، وراجع : مسالك الأفهام ١ : ٦٨.