النهار ، صدق عليه أنّه ترك الأكل والشرب في هذا اليوم عمدا بقصد إطاعة الأمر به.
فلنا أن نقول : إنّ امتداد وقت النيّة في صوم النافلة إلى العصر على وفق الأصل ، إذ لا دليل على أنّه يعتبر في ماهيّة الصوم من حيث هي أزيد من اختيار ترك المفطرات في اليوم الذي نوى صومه قربة إلى الله تعالى ، فما دام باقيا بصفة القدرة على إيجاد شيء من المفطرات في اليوم ، صحّ له اختيار تركه بقصد القربة وإطاعة الأمر بصوم هذا اليوم.
ولا يقاس ذلك بالعبادات المركّبة المطلوب بها الفعل ، كالصلاة والوضوء ونحوه ممّا يتوقّف إطاعة أمره عرفا وعقلا على القصد إليه من حين التلبّس به ؛ إذ الفعل الوجودي لا يتّصف بصدوره عن عمد واختيار إلّا إذا كان القصد مؤثّرا في إيجاد ماهيّته التي هي عبارة عن هذه الأجزاء المجتمعة ، وإلّا فلا يصدق عليه أنّه صدر عن قصد ، بل يفكّك عن أبعاضه ، فيقال : بعضه صدر عن قصد ، وبعضه لا عن قصد ، وأمّا المجموع من حيث المجموع الذي يتقوّم به اسم المركّب وإن صدق عليه أنّه صدر عن قصد ، ولكن المطلوب بالأوامر المتعلّقة بالأفعال المركّبة الوجودية بمقتضى ظواهر أدلّتها إنّما هي ماهيّة تلك الأفعال التي قد أشرنا إلى أنّها هي أجزاؤها ، لا مجرّد صورتها ، أي الهيئة التركيبيّة المتقوّمة بها ، وإلّا فيصير حالها حال ما نحن فيه في أنّه يكفي في إطاعة أمرها إحداث الهيئة التركيبية وإن لم يكن حصول شيء من أجزائها اختياريّا ، فضلا عمّا لو كان بعضها كذلك ، ولكن ذلك خلاف ظواهر أدلّتها ، كما تقدّمت الإشارة إليه.
وأمّا ترك الأكل ونحوه من الصبح إلى الليل الذي هو معنى الصوم فهو أمر عدمي ، وليس له حقيقة متأصّلة ، ولا أجزاء حقيقيّة حتى