سبق ، فلا وقع لمثل هذه الكلمات ، والتعرّض لمثل هذه الشرائط ، إذ العبرة في صحّة العبادة حينئذ باقترانها بالداعي المغروس في النفس حال الفعل حقيقة أو حكما بحيث يصحّ استناد الفعل إلى اختيار المكلّف بعنوان الإطاعة ، لا بالإرادة التفصيلية الحاصلة قبله ، القابلة لأن يقع النزاع في وقتها ، التي هي شرط عقلي لإيقاع الفعل بهذا العنوان.
وقد أشرنا في ما سبق إلى الفرق بين الصوم وغيره من العبادات المطلوب بها الفعل من أنّه يعتبر في سائر العبادات وجود الداعي الذي هو أثر تلك الإرادة التفصيلية الباعثة على اختيار الفعل في وقته فعلا ، ويكفي في الصوم بقاؤه في النفس شأنا ، بحيث لا تنافيه الغفلة والنوم ، فلا تغفل.
(ولا يقع في) شهر (رمضان صوم غيره) واجبا كان أو مندوبا ، من المكلّف بصومه وغيره ، كالمسافر ونحوه على المشهور ، خلافا لما حكي عن الشيخ في المبسوط من أنّه قال : لو كان مسافرا سفر القصر ، فصام بنيّة رمضان لم يجزئه ، وإن صام بنيّة التطوّع كان جائزا ، وإن كان عليه صوم نذر معيّن ، ووافق ذلك شهر رمضان ، فصام عن النذر وهو حاضر ، وقع عن رمضان ، ولا يلزم القضاء لمكان النذر ، وإن كان مسافرا ، وقع عن النذر ، وكان عليه القضاء لرمضان.
وكذا إن صام وهو حاضر بنيّة صوم واجب عليه غير رمضان ، وقع عن رمضان ، ولم يجزئه عمّا نواه ، وإن كان مسافرا وقع عمّا نواه (١). انتهى.
أقول : ما ذكره بالنسبة إلى الحاضر من أنّه لو نوى صوم النذر أو
__________________
(١) حكاه العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة : ٢١٤ ، وراجع : المبسوط ١ : ٢٧٧.