غيره ، يقع من رمضان ؛ إنّما يتجه بناء على أنّه لا يعتبر في ماهيّة صوم رمضان ، عدا ترك المفطرات فيه بنيّة التقرّب ولو بإطاعة أمر آخر وهميّ غير أمره الواقعي المنجّز عليه ، وهذا ينافي الالتزام بصحّته من المسافر إذا نوى به التطوّع أو صوما آخر غير صوما رمضان دون ما قصد به صوم رمضان ، فإنّ ما يقع من المسافر في الحقيقة ليس إلّا صوم رمضان ، فالمسافر إذا قصد اليوم الأوّل من شهر رمضان أن يصوم تطوّعا ، فإن جاز له ذلك فمآله إلى أنّ صوم رمضان يجب على الحاضر ، ويستحب للمسافر ، فيكون جواز تركه للمسافر حينئذ رخصة لا عزيمة ، كما تزعمه العامة ، وعلى هذا التقدير يمتنع أن يجب عليه قضاؤه بعد أن أتى به في وقته صحيحا.
إن قلت : إنّ الحضور شرط في ماهيّة صوم رمضان ، الذي تعلّق به أمر وجوبي ، فما يقع من المسافر موضوع آخر متعلّق لأمر ندبي أو إلزامي ناش من الأمر بالوفاء بالنذر أو الكفّارة أو غير ذلك ، لا الأمر الوجوبي المتعلّق بصوم رمضان.
قلت : الحضور كالبلوغ شرط لوجوب صوم رمضان عليه ، لا من مقوّمات ماهيّة صومه.
وكيف كان ، فالحقّ أنّه إن بنينا على اتّحاد ماهيّة الصوم من حيث هي ، وأنّ اختلافها إنّما هو بالنسبة إلى أحوال المكلّف أو أزمنة وقوعها الموجبة لاختلاف أحكامها من حيث الوجوب والحرمة والاستحباب ، أو بالإضافة إلى العناوين الطارئة الخارجة عن حقيقته ، كما قوّيناه في ما سبق ، أو قلنا بأنّ أقسام الصوم وإن كانت أنواعا مختلفة إلّا أنّ الفصل الذي يمتاز به صوم رمضان عمّا عداه إنّما هو بإضافته إلى زمانه ، لا بأمر آخر زائد على مفهوم صومه ، فلا يعقل أن يقع في رمضان صوم آخر