واقعا بصفة المطلوبية ، ولم يكن عن رمضان بحيث يبقى التكليف بقضائه بعده ، فإنّ صوم رمضان على هذا التقدير ذاتي لسائر الأنواع الواقعة فيه ، وإذا فرض كونه بهذا العنوان الذي هو ذاتي له منهيّا عنه ، يكون نقيضه الذي هو ترك صوم هذا الوقت واجبا ، فلا يعقل أن يتعلّق به تكليف وجوبي أو ندبي بسائر الاعتبارات اللاحقة له ، فإنّه بالنسبة إلى المسافر يصير كصوم العيدين لسائر المكلّفين ، وصوم أيّام التشريق لمن كان بمنى.
وإلى هذا يؤول استدلال العلّامة في محكي المختلف للمدّعى : بقوله تعالى «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً» (١) الآية ، بتقريب : أن إيجاب العدة يستلزم إيجاب الإفطار.
وبقوله ـ عليهالسلام ـ : «ليس من البرّ الصيام في السفر» (٢) إلى أن قال في الجواب عمّا ذكر دليلا للجواز من أنّه زمان لا يجب صومه عن رمضان ، فإجزاؤه عن غيره كغيره من الأزمنة التي لا يتعيّن الصوم فيها.
قال : الفرق أنّ هذا الزمان لا ينفك عن وجوب الصوم عن رمضان ، ووجوب الإفطار ، بخلاف غيره من الأزمنة ، ولا يجب إفطاره في السفر ، فأشبه العيد في عدم صحة صومه (٣). انتهى.
ويشهد لصحّة هذا الاستدلال ، كما أنّه يدلّ على أصل المدّعى :مرسلة الحسن بن بسّام ، قال : كنت مع أبي عبد الله عليهالسلام ، في ما بين مكة والمدينة في شعبان وهو صائم ، ثمّ رأينا هلال شهر رمضان ، فأفطر ، فقلت له : جعلت فداك أمس كان من شعبان وأنت
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٨٤.
(٢) سنن البيهقي ٤ : ٢٤٢.
(٣) حكاه صاحب الجواهر فيها ١٦ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ، وراجع : مختلف الشيعة : ٢١٤.