المبحث ، ولكن الإشكال يقع في مواقع :
الأوّل : في أنّه هل أبيح ذلك للشيعة بإذن صاحب أمره ، ومن له الولاية عليه ، أي الإمام ـ عليهالسلام ـ ، كما يظهر من جملة من الأخبار الآتية ، فلا يجب عليهم بالفعل صرفه إلى مستحقّيه ، كما حكي عن ظاهر القديمين (١) ، ومال إليه بعض المتأخّرين (٢) ، بل عن المنتهى الجزم بسقوط خمس المكاسب في زمن الغيبة من هذه الجهة (٣) ؛ أم لا؟ كما يدلّ عليه أخبار أخر معتضدة بالشهرة والإجماعات المحكيّة وغيرهما من المؤيّدات العقلية والنقلية التي سنشير إليها.
وتحقيق المقام يتوقّف على نقل الروايات الدالّة على وجوبه بالفعل ، وعدم جواز منعه عن مستحقّيه ، كما هو مقتضى الأصل بعد ثبوت شرعيّته ، ثم التكلّم في ما يقتضيه الجمع بينها وبين الأخبار المنافية لها.
فأقول مستعينا بالله : وممّا يدلّ على الوجوب : ما رواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن الحسن الأشعري ، قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني ـ عليهالسلام ـ : أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الضياع (٤) ، وكيف ذلك؟ فكتب بخطّه «الخمس بعد المئونة» (٥).
__________________
(١) حكاه الشهيد في البيان : ٢١٨.
(٢) راجع : مدارك الأحكام ٥ : ٣٨٤.
(٣) حكاه الشيخ الأنصاري في كتاب الخمس : ٥٦٣ ، ولم نعثر عليه في المنتهى. ويحتمل أن تكون كلمة «المنتهى» تصحيف «المنتقى» راجع : الحدائق الناضرة ١٢ : ٤٤٣.
(٤) في المصادر : الصناع.
(٥) التهذيب ٤ : ١٢٣ / ٣٥٢ ، الإستبصار ٢ : ٥٥ / ١٨١ ، الوسائل : الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس ، الحديث ١.