المشروع يجعل مثل هذه التروك ملحقا بالترك مع العزم.
وكيف كان ، فلا دليل على اعتبار أزيد من مثل هذا القصد في صحّة الصوم ، بل الدليل على عدمه ، إذ لولا كفايته للزم بطلان صوم أغلب العوام الذين لا يعلمون بمفطريّة بعض المفطرات ، وهو ممّا لا يمكن الالتزام به ، كما لا يخفى على من تدبّر في النصوص والفتاوى المتكفّلة لبيان حكمها.
نعم ، لو رجع قصده إلى العزم على الإمساك عن خصوص ما يعرفه ، كما لو جعل معرفته طريقا لتشخيص الأمر الشرعي ، فنوى امتثال الأمر الشرعي المتعلّق بالإمساك عن خصوص هذا الشيء لا غير ، لم يصحّ.
(وهي) أي : النيّة في الصوم ، كالصلاة وغيرها من العبادات التي اعتبر فيها قصد القربة (إمّا ركن وإمّا شرط لصحّته.)
ولا يترتّب على تحقيق كونها جزءا أو شرطا ثمرة مهمّة (و) إن كانت (هي بالشرط أشبه) كما حقّقناه في كتاب الصلاة.
وبيّنا هناك ، وكذا في نيّة الوضوء : أنّ العبرة في صحّة العبادات المشروطة بالنيّة إنّما هي بحصولها بعنوان الإطاعة والتقرّب ، بأن يكون الباعث على إيجادها العزم على الخروج عن عهدة التكليف المتعلّق بها لا غير ، ولا يتوقّف ذلك على حصول إرادة تفصيلية مقارنة لأوّل آنات الأخذ في الإطاعة ، بل على كونها مسبوقة بإرادة تفصيليّة مؤثّرة في حصولها بهذا العنوان ، كغيرها من الأفعال الاختياريّة الصادرة من العقلاء لسائر أغراضهم المتّصفة لديهم بكونها صادرة عن عزم وإرادة ، فليس جواز تقديم النيّة في الصوم مخالفا للأصل ثابتا بإجماع ونحوه ؛ كي يقتصر فيه على مقدار دلالة الدليل كما قد يتوهّم.