ولا يعتبر في الصوم أن يكون التروك المعتبرة فيه صادرة عن عزمه ـ كما يعتبر ذلك في الأفعال الاختيارية الوجودية ـ لأنّ للتروك أسبابا لا تتناهى ، فربما يجتمع مع العزم على الترك عدم المقتضي للفعل ، فيكون الترك حينئذ مستندا في العرف إلى عدم المقتضى ، لا العزم على الترك الذي هو من قبيل الموانع.
فالذي يجب على من أمر بترك فعل في مقام إطاعة هذا الأمر أن يعزم على ترك ذلك الشيء ولا يفعله ، بأن يجعل قصد الإطاعة مانعا عن ارتكابه ، بحيث لو حصل سائر أجزاء علّة وجوده لأثر ذلك العزم في تركه ، لا أن يجعل سبب الترك منحصرا في هذا العزم بأن يكون الترك دائما ناشئا منه ، فإنّ هذا قد لا يكون مقدورا للمكلّف ؛ إذ الذي يقدر عليه المكلّف أن يختار ترك الفعل الذي يقدر على إيجاده ، لا أن يجعل سبب الترك منحصرا في عزمه عليه ، كما لا يخفى.
فالذي يعتبر في الصوم هو الكفّ عن المفطرات ، أي تركها مع النيّة ، كما عبّر به في المتن ، لا الترك الناشئ من النيّة ، كما قد يتوهّم قياسا على العبادات التي تعلّق التكليف فيها بالفعل ، بل لا يعتبر فيه بقاء داعيه في النفس حقيقة حال التلبّس به ، كما اعتبرنا ذلك في الأفعال الوجودية التي اعتبر وقوعها بعنوان الإطاعة ، فإنّ عزمه في الليل على أن لا يأكل في الغد كاف في حصول مقتضاه ، وهو ترك الأكل في الغد ما لم ينقضه بنيّة خلافه ، فلو نام عقيب هذه النيّة ، أو غفل عن الأكل إلى أن ينقضي اليوم ، يكون نومه وغفلته مؤكّدا لتحقّق ما تقتضيه هذه النيّة ، لا منافيا له ، وهذا بخلاف ما لو عزم على فعل الأكل في اليوم ، فإنّه لا أثر لإرادته السابقة في تحقّق الفعل الذي نواه ما لم يرسخ منها في النفس شيء يبعثها على إيجاده في ما يستقبل ،