ولا حاجة إلى ذلك عند إرادة تركه ؛ لأنّ الترك لا يحتاج إلى سبب محقّق حاله ، بل أسبابه إعدام مضافة منتزعة عن فقد كلّ جزء أو شرط من أجزاء علّة الوجود وشرائطها ، فمتى عزم على ترك فعل في ما يستقبل ، يكون عزمه مقتضيا لحصول ذلك الترك في وقته ، واختيارا له من هذا الحين.
ولا ينتقض أثر هذا العزم إلّا بنيّة الخلاف ، دون النوم والغفلة ، بل النوم أو الغفلة عن الأكل أيضا قد يكون من آثار هذه النيّة بحيث لولاها لم يكن ينام أو يغفل ، فصحّة صوم النائم ووقوعه عبادة ليست مخالفة للقواعد.
وكيف كان ، فالذي يعتبر في صحة الصوم ، وغيره من العبادات ، إنّما هو فعله بقصد الإطاعة ، والتقرّب إلى الله تعالى ، ولا يتوقّف ذلك إلّا على تشخيص ماهيّة المأمور به وتمييزها عمّا يشاركها في الجنس ، حتى يتأتّى القصد إلى إيجادها بداعي الإطاعة والتقرّب. فلا تحب معرفة وجه الفعل الذي تعلّق به الطلب من كونه واجبا أو مندوبا ، أداء أو قضاء ، أو غير ذلك من التفاصيل التي التزم كثير من الأصحاب بوجوب معرفتها والقصد إليها في سائر العبادات ، إلّا إذا تعذّر تعيين ما تعلّق به الطلب إلّا بشيء من هذه الوجوه ، فيجب حينئذ لذلك ، كما تقدّم تحقيق ذلك كلّه في نيّة الوضوء والصلاة ، فلا نطيل بالإعادة.
فلو انحصر جنس الفعل الذي تعلّق به التكليف في نوع ، بأن لم يعتبر في ذلك الفعل عنوان زائد على ما يتحقّق به مسمّاه ، كما لو أمره بضرب زيد من حيث هو ، لم يجب عليه في مقام الإطاعة إلّا القصد إلى ماهيّة الضرب من حيث هي وإيجادها بداعي أمرها.
وأمّا لو قيّده بقيد ، كأن أوجب عليه الضرب بالعصا ، أو الضرب