حكمه بعد تسليم الكبرى لو لم يكن الفرض مبنيّا على المسامحة في التعبير ، فكان منشأ تردّده هاهنا عدم كون ما يستدخله إلى الجوف من أسفله مثل ما يوصله إلى جوفه من حلقه عمدا في إمكان استفادة حرمته ممّا دلّ على الأكل والشرب بالتقريب الآتي. ومن إمكان إلحاق ما يصل إلى الجوف من الإحليل بالاحتقان بتنقيح المناط.
وكيف كان ، فالحقّ في المقام هو ما عرفت من عدم فساد الصوم بما يصل إلى الجوف بغير الحلق مطلقا عدا الحقنة بالمائع من غير فرق بين أن يكون من الإحليل أو من غيره. وإلحاق الأول بالحقنة قياس لا نقول به.
ودعوى : أنّ مناط الحكم هو وصوله إلى الجوف من غير مدخلية لطريقة ؛ ممّا لا ينبغي الالتفات إليها.
وأمّا ما يصل إلى الجوف من الحلق ، فإن كان من طريق الفم ، فهو مفسد مطلقا ، سواء سمّي في العرف أكلا وشربا ، أو بلعا أو تجرّعا أو ازدرادا ونحوه ؛ إذ المراد بالأكل والشرب في هذا الباب ما يتناول ذلك كلّه بلا شبهة.
ولا نعني بالإطلاق ما يتناول مثل إدخال إصبعه أو رمح أو عصا ونحوه في حلقه ؛ فإنّ مثل ذلك أجنبي عن مفهوم الأكل والشرب ، كما أنّ إخراجه من الحلق أجنبي عن مفهوم القيء ، فلا ينبغي الارتياب في عدم قادحية مثله بالصوم لا إدخالا ولا إخراجا ؛ إذ لا ربط له بماهية المفطرات التي دلّت الأدلّة على وجوب الكفّ عنها ، كما هو واضح ، وإنّما المراد بالتعميم المعنى الذي لا يتحقّق معه عرفا صدق اسم الاجتناب عن الطعام والشراب ، بل يعدّ تناولا للمطعوم والمشروب وإن لم يطلق عليه خصوص اسم الأكل والشرب ، أو انصرف عنه إطلاقه.