لكون معدنهما بمنزلة القدر المتيقّن الذي ينسبق الى الذهن من إطلاق السؤال ، فترك التفصيل في الجواب يجعله كالنص في إرادته ، وإمّا لعدم القول بالفصل.
وثانيا : فلأنّه ليس نصّا في الجواب ؛ لأنّ ثبوت الخمس فيه عند بلوغ قيمته دينارا أعمّ من أن يكون على جهة الندب ، كثبوت الزكاة في مال التجارة عند تحقّق شرائطها ، غاية الأمر أنّ ظاهره ذلك ، فيرفع اليد عنه في بعض موارده ـ أي معادن الذهب والفضّة ـ بالنص ، ولا محذور فيه ، بل هو من أهون التصرّفات وأقرب المحتملات في مقام التوجيه.
وثالثا : فلما أشرنا إليه في صدر المبحث من أنّ الأخبار المثبتة للخمس في مورد من موارده لا تصلح معارضة للأخبار النافية له عن ذلك المورد ؛ لجواز أن يكون نفيه عنه من قبل وليّ الخمس إرفاقا برعاياه ، فلا ينافي ذلك ثبوته في أصل الشرع ، كما ستعرف له شواهد في هذا الباب ، فيمكن أن يكون الدينار في الواقع سببا لثبوت الخمس ، ولكنّ الإمام ـ عليهالسلام ـ وسّع على الناس ، وجعلهم في حلّ من ذلك ، ولم يكلّفهم بشيء ما لم يبلغ عشرين دينارا ، فليتأمّل.
وقد تلخص ممّا ذكر : أنّ القول باعتبار بلوغ قيمته عشرين دينارا ؛ تعويلا على الصحيحة (١) المزبورة ، لا يخلو عن قوّة ، ولكنّ العمل بإطلاق أدلّة الخمس أحوط.
ثمّ إنّ المدار على ما يتبادر من النصّ إنّما هو بقيمة النصاب أي العشرين دينارا وقت الإخراج ، كما صرّح به غير واحد.
__________________
(١) أي صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر ، التي تقدّمت في ص ٢٥.