النافي ، مع أنّ عبارة النهاية ليست إلّا كما قدّمنا نقلها ، وهي ليست مخالفة لما في القاموس إلّا في مجرّد التعبير ، فلعلّ لابن الأثير نهاية أخرى غير ما رأيناها ، أو أنّ النهاية التي نقل عنها في المدارك كانت مشتملة على هذه الزيادة ، أو أنّه ذكر ابن الأثير هذه العبارة التي نسبوها إليه في مقام آخر لم نطّلع عليه.
وكيف كان فقد عرفت أنّه لا اختلاف بين اللغويّين في تفسير المعدن ، وأنّه اسم للمحلّ.
وأمّا الفقهاء فقد جعلوه بأسرهم اسما للحالّ ، فكأنّ منشأة أنّ غرضهم لم يتعلّق إلّا ببيان ما تعلّق به الحكم الشرعي ، وهو ما استخرج من المعدن لا نفسه ، فسمّوه معدنا تسمية للحالّ باسم المحلّ.
واختلافهم في مثل حجر الرحى وطين الغسل ونحوه نشأ من الخلاف في صدق اسم المعدن عرفا على مركز مثل هذه الأشياء ، كما يقتضيه إطلاق كلمات اللغويّين عند تفسيرهم لمعناه الأعمّ ، أم يشترط في صدق اسمه عرفا كون ما يستخرج منه من غير جنس الأرض عرفا ، كما ربّما يستشعر من تفسير صاحب القاموس ، حيث قال : مكان كلّ شيء فيه أصله (١) ؛ فإنّه مشعر باشتراط المغايرة واعتبار الفرعية ، بل لا يبعد أن يدّعى أنّ هذا هو منصرف كلام من عداه أيضا ممّن قال : بأنّ مركز كلّ شيء معدنه ، حيث إنّ المتبادر منه إرادة الأشياء الخارجة عن مسمّى الأرض.
وكيف كان فاستفادة ثبوت الخمس في مطلق المعادن بهذا المعنى من الأخبار مشكلة ؛ فإنّ المتبادر منها ممّا عدا صحيحة محمد بن مسلم ،
__________________
(١) القاموس المحيط ٤ : ٢٤٧.