خمسه خمسا كان أو صدقة هو السبب في حلّية الباقي.
فالذي يتحصّل من مجموع النصوص والفتاوى بعد إرجاع بعضها إلى بعض ، إنّما هو شرعية الخمس لتحليل المال الممتزج بالحرام ، لا كون المال مشتركا بينه وبين أرباب الخمس.
فمن هنا قد يقوى في النظر عدم التنافي بين هذه الأخبار وبين ما ورد في جملة من الأخبار من الأمر بالتصدّق في ما لا يعرف صاحبه (١) ، لا لما قيل من أنّ تلك الأخبار وردت في المال المتميّز دون الممتزج حتى تتحقّق المعارضة ؛ لما ستعرف في حكم الصورة الآتية من ضعف هذا القول ، وكونه جمودا محضا ، بل لأنّ مفاد تلك الأخبار ليس إلّا جواز التصدّق بعين المال الذي لا يعرف صاحبه ، أو بثمنه ، وهذا شيء لا ينافيه أخبار الخمس ؛ فإنّ مفاد أخبار الخمس ليس إلّا أنّ صرف خمس مجموع ذلك المال المختلط بالحرام إلى أرباب الخمس كتمييز عين الحرام ، وإيصاله إلى صاحبه مبرئ للذمّة ، وموجب لحليّة الباقي ، ولا منافاة بينهما ؛ فإنّ من الجائز أن يكون التصدّق بعين مال الغير أيضا لدى إمكانه (مبرئا لذمّته) (٢).
كما لو تصدّق بجميعه على الفقير من باب الاحتياط ، أو دفع جميعه إليه على أن يكون ما فيه من مال الغير صدقة ، ثمّ صالحه عمّا فيه من حقّه بشيء كتخميسه ، موجبا للخروج عن عهدة ما فيه من مال الغير ، وليس الأمر بالخمس أو الصدقة في مثل المقام ظاهرا في الوجوب العيني ؛ كي يكون وجوب كلّ منهما منافيا للآخر ، بل هو مسوق لبيان ما به تتحقّق براءة الذمّة من مال الغير ، ويباح له التصرّف في ما عداه ، فالأمر بإخراج خمس ذلك ،
__________________
(١) أنظر على سبيل المثال : التهذيب ٦ : ٣٩١ / ١١٧١ ، الوسائل : الباب ٥ من كتاب اللقطة ، الحديث ٣.
(٢) كذا في النسخة الخطيّة والطبعة الحجرية. والظاهر زيادة ما بين القوسين.