المال خصوصا مع اقترانه بما في الأخبار من التعليل بأنّ الله قد رضي من الأشياء بالخمس ليس إلّا بمنزلة ما لو قال : لو أخرجت خمس ذلك المال يحلّ لك الباقي ، لا أنّه يجب عينا عليك إخراج خمسه تعبّدا.
وقد عرفت أنّ المراد بثبوت الخمس في الحلال المختلط بالحرام في خبر ابن مروان (١) أيضا بحسب الظاهر ليس إلّا إرادة هذا المعنى ، فلا ينافيه جواز التصدّق بجميع ذلك المال أو بجميع ما فيه من الحرام في ضمن المجموع ، كما أنّ ما ورد فيه الأمر بالتصدّق بما عنده من المال الذي لا يعرف صاحبه ؛ غير مناف لذلك ؛ فإنّه لا يفهم منه أيضا الوجوب العيني لوروده في مقام توهّم الحظر ، فلا يفهم منه أزيد من الجواز ، ولكن يفهم وجوبه من خصوصية المورد حيث إنّ مقتضى الأصل حرمة التصرف في مال الغير إلّا بالوجه المرخوص فيه ، لا من دلالة لفظ الأمر ، فلا منافاة حينئذ بين أخبار الخمس وأخبار الصدقة ، ومقتضاهما الالتزام بإباحته امّا بصرف خمسه إلى أرباب الخمس أو التصدّق بجميع ما فيه من الحرام بأيّ وجه أمكن ، كما أنّا لو قلنا بظهور خبر السكوني (٢) في التصدّق بالخمس لا الخمس المصطلح ، كما يقتضيه الإنصاف ، لكان مقتضى الجمع بينه وبين غيره ـ ممّا ظاهره إرادة الخمس المعروف كخبر ابن مروان ـ هو الالتزام بجواز كلّ منهما ، وكون المكلّف مخيّرا بين التصدّق بخمسة أو صرفه في مصرف الخمس المصطلح ، فالقول به غير بعيد إن لم ينعقد الإجماع على خلافه ، فليتأمّل.
وكيف كان فالأحوط ـ كما صرّح به غير واحد ـ صرفه في فقراء
__________________
(١) تقدم في صفحة ١٥٦.
(٢) تقدّم في صفحة ١٥٣.