استدامتها حكما ، ولا تكون كذلك إلّا إذا كانت مغروسة في النفس على وجه لو التفت المكلّف تفصيلا إلى الفعل الذي نواه ، لوجد نفسه عازمة عليه ، وليس المراد بتجديدها إلّا هذا المعنى ، لا التكليف في إخطار صورتها مفصّلة في الذهن.
وكيف كان ، فالنيّة السابقة إذا كانت كذلك ، فهي مجزية في صحة الصوم ، سواء كانت في الليل أو قبلها ، وإن لم تكن كذلك فهي غير مجدية مطلقا ولو كانت حاصلة في الليل بل متّصلة بالفجر ما لم تبق بهذه الصفة إلى الغروب.
(وكذا) يظهر بالتدبّر في ما أسلفناه صحة ما (قيل) من أنّه (يجزي نية واحدة لصيام الشهر كلّه) كما عن الشيخ والسيد وأبي الصلاح وسلّار وابن إدريس وغيرهم (١) ، بل عن المنتهى : نسبته إلى الأصحاب (٢) من غير نقل خلاف فيه.
وربما تكلّف بعض في توجيهه : بجعل صوم الشهر كلّه بمنزلة عبادة واحدة ذي أجزاء ، فالنيّة الحاصلة في أوّل الشهر ، المتعلّقة بالمجموع بمنزلة نية الصلاة المتعلّقة بأجزائها.
ولا يخفى ما فيه ، وكأنّ مثل هذه التوجيهات والتكلّفات صدرت من القائلين بالإخطار.
وأمّا على القول بكفاية الداعي الذي مرجعه إلى ما حقّقناه في ما
__________________
(١) حكاه العاملي في مدارك الأحكام ٦ : ٢٨ ، وراجع : النهاية : ١٥١ ، والمبسوط ١ : ٢٧٦ ، والاقتصاد : ٢٨٧ ، والانتصار : ٦١ ، والكافي في الفقه : ١٨١ ، والمراسم : ٩٦ ، والسرائر ١ : ٣٧١.
(٢) كما في جواهر الكلام ١٦ : ٢٠٠ ، وحكاه صاحب الرياض فيها ١ : ٣٠٣ ، وراجع : منتهى المطلب ٢ : ٥٦٠.