تذنيب كما تصحّ الإعارة للرهن ، كذا تصحّ الإعارة للإجارة ؛لأنّ الاستفادة بثمن المنافع أيضا من منافع العين ، فلمالكها تسليط الغير على استيفائها وإباحتها له.
ودعوى : أنّ الإجارة تقتضي سبق الملك بالنسبة إلى المنافع بعد تسليمها ، نقول : إنّ نفس المنافع التي توجد شيئا فشيئا لا يعقل أن تكون مملوكة لأحد قبل وجودها ، فكونها مملوكة إنّما هو بنحو من الاعتبار عند العقلاء وبهذه الملاحظة إجارتها وأخذ عوضها ، ويقال : إنّ الملكية آنا ما تستبتعه المنافع إلى آخر الأبد ، فليس معنى كون المنافع مملوكة مملوكية المنافع التي لم توجد حال الإجارة ، بل معناه تحقّق هذا الاعتبار الذي هو أمر عقلائي ، وهذا من توابع الملك وفوائده ، فللمالك تسليط الغير عليه إمّا بعقد لازم كالإجارة والصلح أو بإباحته له ، ومعنى إباحته له : أنّ له استيفاءه ، ومعنى جوازه وعدم لزومه : أنّ له الرجوع عن هذا الإذن فمتى لم يرجع له الاستيفاء بالإجارة ، وبعد الاستيفاء لم يبق لرجوع المالك عن إذنه مورد لمضيّ الأمر وكونه أمرا آنيّا واقعا عن إذنه ، فعلى هذا لا إشكال في صحّة الإعارة للإجارة.
وأمّا الإعارة للبيع الخياري قد يتوهّم جوازه ؛ نظرا إلى أنّ الاستفادة بثمنه نحو من الانتفاع ، ولا محذور فيه بعد التزامه بردّ العين أو بدله ، خصوصا مع العزم على الأخذ بالخيار وردّ العين.
ولكن الأقوى : المنع ، وفاقا لما هو المحكي عن العلّامة ـ قدسسره ـ في كتاب الرهن من التذكرة (١) ، معلّلا : بأنّ البيع معاوضة ، فلا يملك
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٢ : ١٥.