وصرفها إلى مصارفها ؛ كي يتطرّق إليه الخدشة بقصور أدلّة النيابة عن إثبات هذا النحو من العموم ، ولا من باب الولاية على الغائب ؛ كي يدّعي فساده ؛ ضرورة أنّ الإمام ـ عليهالسلام ـ لم يقصد بإرجاع العوام إليه ونصبه قاضيا أو حاكما إثبات الولاية له على نفسه ، بل من باب قيام الحاكم مقام كلّ من أمر بمعروف غير مقيّد معروفيته بقدرة ذلك الشخص ، فعجز عن إقامته لغيبته أو قصوره ، فعلى الحاكم القيام مقامه في أداء ما وجب عليه ؛ لأنّ هذا من أوضح مناصب الفقيه ، الذي نلتزم بثبوته لعدول المؤمنين على تقدير فقد الحاكم من باب الحسبة ، فهذا ممّا لا ينبغي الارتياب فيه بعد تسليم مقدّماته.
ولكنك عرفت في ما سبق منع الصغرى ، وأنّه لم يثبت وجوب الإتمام على الإمام ـ عليهالسلام ـ حال حضوره ، فضلا عن بقاء التكليف به بعد غيبته حتى يتولّى أداءه الحاكم بحق النيابة ، بل الصرف إلى الأصناف أو غيرهم منشأه إمّا دعوى القطع برضى الإمام ـ عليهالسلام ـ بذلك تفضّلا منه وإحسانا على أرحامه وشيعته ، أو دعوى اندراجه في ما تعذّر إيصاله إلى صاحبه الذي حكمه الصدقة ، أو لأجل الاعتماد على ما يستفاد من خبر عيسى بن المستفاد المتقدّم (١) ، فإن عوّلنا على هذا الخبر فمفاده كون من بيده شيء من الخمس هو المكلّف بإيصاله إلى السادة أو الفقراء عند عجزه عن الإيصال إلى الإمام ـ عليهالسلام ـ من غير فرق بين سهم الإمام وسهم سائر الأصناف ، فلا يجب عليه دفعه إلى الحاكم حينئذ ، بل لا يجوز إلّا من باب الاستنابة والتوكيل.
نعم لو قلنا باقتضاء عمومات النصب قيام الحاكم مقام الإمام
__________________
(١) تقدّم في صفحة ٢٨٣.