ضيعته تقوم بمئونته ، ومن كانت ضيعته لا تقوم بمئونته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك» (١).
وقد أشرنا ـ في ما سبق ـ إلى توجيه ما في الخبر من الإشكال والاقتصار على نصف السدس.
وكيف كان فيستفاد من هذه الأخبار : أنّ الخمس إنّما يجب في هذا القسم في الفاضل عن مئونته ، فيقيّد به إطلاق ما في غيرها من الروايات ، ولكن ليس في شيء منها تصريح بإرادة مئونته طول سنته ، بل ظاهرها إرادة مئونته من حيث هي من غير تقييدها بيوم أو شهر أو سنة ، ومئونة الشخص مهما أطلقت يراد بها ما يحتاج إليه في تعيّشه على الإطلاق بحسب حاله ، فالمتبادر من قول القائل : فلان يفي كسبه أو ضيعته بمئونته ؛ هو : أنّ ما يستفيده منه لا يقصر عمّا يحتاج إليه في معاشه ما دام له هذا الكسب أو الضيعة وإن عاش ما عاش من السنين ، ولكن مئونة الشخص لدى العرف تقدّر بالسنين لا بالأيّام والشهور ، أو الفصول ؛ إذ لا انضباط لها بالنسبة إلى مثل هذه الأوقات ؛ فإنّها تختلف فيها غاية الاختلاف في سائر ما يحتاج إليه من المأكل والملبس وغيرها (٢) ، بخلاف السنين ، فيلاحظ العرف إجمالا حين إرادة المقايسة بين ربحه ومصارفه جميع ما يصرفه بحسب حاله في السنة ، ومجموع ما يربحه فيها من كسبه أو ضيعته ، فإن كان ربحه الذي يستفيده منه في أثناء السنة وافيا بمئونة سنته ، يقال : ربحه يفي بمئونته ؛ وإن كان أقلّ أو أكثر ، يقال : لا يفي بها أو يفضل عنها.
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٤١ / ٣٩٨ ، الإستبصار ٢ : ٦٠ / ١٩٨ ، الوسائل : الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس ، الحديث ٥.
(٢) كذا. والصحيح : وغيرهما.