وكذا لو سئل في العرف عن مئونة شخص يقال : إنّ مئونته في كلّ سنّة كذا ، فمئونة السنة هي التي تحدّ بها مئونة الشخص ، ويطلق وفاء كسبه أو ضيعته بمئونته بملاحظتها ، فالعبرة بها في تشخيص الزيادة والنقصان لدى العرف ، فكأنّ هذا هو السرّ في ما فهمه الأصحاب من مثل هذه الأخبار ، وأجمعوا عليه من تقييد المئونة بالسنة.
ولكن قد يشكل ذلك في ما لو كان له ضيعة تفيده في سنة دون سنة ، كما يتّفق كثيرا ما في المزارع التي تزرع سنة ، وتعطّل سنة لأن يكمل استعدادها للزراعة ، فإنّ مثل هذا الفرض لو قيل : إنها تفي بمئونته ؛ لا يراد منه مئونة السنة ، بل سنتين ؛ لما أشرنا إليه من أنّ معنى وفائها بمئونته استغناؤه بفائدتها في معاشه على الإطلاق ، فلو لم يف ربحها إلّا لسنة يقال عرفا : إنّها لا تفي بمئونته ، بل بنصفها ، فيتّجه حينئذ اعتبار مئونة السنتين بمقتضى ظواهر الأخبار.
اللهمّ إلّا أن ينعقد الإجماع على خلافه ، وهو محل تأمّل ؛ لانصراف كلمات المجمعين عن مثل الفرض.
وكذا يشكل اعتبار المئونة في مثل الهبة والإرث ونحوه من الأمور الاتفاقية التي ليس من شأنها الاستمرار والتجدّد في كلّ سنة إن قلنا بثبوت الخمس فيه فإنّه لا يطلق عليه أنّه يفي بمئونته إلّا مع تقييدها بحدّ معيّن كشهر أو شهرين ، أو سنة أو سنتين ، وهكذا ، إلّا أن يتمسّك فيه بعدم القول بالفصل.
وكيف كان فقد ظهر بما ذكرنا وجه تقييد المئونة بالسنة مع عدم وقوع التصريح به في الأخبار.
وإن أبيت عن إمكان استفادته من الأخبار بالتقريب المزبور ، فكفاك دليلا عليه إجماع الأصحاب ، فهو ممّا لا إشكال فيه ، ولكن