بتصرّف من الشارع إمّا في موضوعه بأن ينفي ملكيّة موضوعه ، كما في مال العبد ، بناء على أنّه لا يملك ، أو يجعل للمتصرّف هذا الحقّ كحقّ المارّة والمولى على العبد ، بناء على أنّه يملك ، والمسلمين على الكفّار حيث جعلهم وما في أيديهم فيئا للمسلمين ، أو يرخّصه فيه من باب الولاية على المالك ، وإلّا فالتصرّف فيه ظلم وعدوان ؛ إذ لا معنى للظلم والعدوان الذي قضى ضرورة العقل والشرع بحرمته إلّا مزاحمة الغير في ما هو له لا عن استحقاق.
واحتمال استحقاقه له كما في المارّة ، أو عدم استحقاق مالكه للتصرّف فيه ، وكون ملكيّته صوريّة في الواقع وفي نظر الشارع ، كما في مال العبد ، كاحتمال كونه مأذونا من قبل المالك أو الشارع من باب الولاية ممّا لا يلتفت إليه في مقابل الأصول والقواعد المعتبرة في الشريعة.
والحاصل : أنّ ما جرى عليه يد الغير يحكم بملكيّته له بمقتضى اليد ، وقضية ملكيّته له حرمة تصرّف غيره فيه حتّى يثبت جوازه ، فلا يبقى حينئذ مجال لجريان أصالة عدم الاحترام في المال المذخور قصدا إلّا أنّ الملكيّة علاقة اعتباريّة عرفيّة يدور أحكامها مدار بقاء تلك العلاقة عرفا ، كما في النسب ، فعند انقطاعها عن صاحبها إمّا اختيارا ، كما في صورة الإعراض ، أو قهرا ، كما في ما يوجد في البلاد الخربة في الأعصار القديمة ممّا لا يحفظ إضافته إلى مالك مخصوص إمّا لهلاكه أو ضياع النسبة بحيث لو وجده مالكه لا يرى اختصاصه به ولا يحفظ نسبته إليه بواسطة الاضمحلال لا اشتباهه عليه ، فحينئذ يعامل مع ذلك المال في العرف والعادة معاملة المباحات الأصليّة ، كما يقضي بذلك استقرار سيرة العقلاء قاطبة عليه ، فضلا عن المتشرّعة ، ولذا استقرّت السيرة على حيازة الآثار الباقية في البلاد القديمة ، المعلوم كونها للمسلمين ، مثل