أمارة معتبرة ، وهو محلّ نظر.
وليس مبنى هذا الأصل عموم الناس مسلّطون على أموالهم (١) أو قوله ـ عليهالسلام ـ في التوقيع المرويّ عن صاحب الزمان ـ عجّل الله فرجه ـ :«لا يجوز لأحد أن يتصرّف في مال غيره إلّا بإذنه» (٢) ونحوه حتّى يقال : إنّ هذه العمومات مخصّصة بالنسبة إلى الحربي ، فلا يجوز التمسّك بها في الشبهات المصداقيّة ؛ ضرورة عدم ابتناء اعتبار مثل هذا الأصل الذي هو من الضروريات على مثل هذه المراسيل التي قد لا يقول بحجيّتها أكثر العلماء ، بل هو أصل عقلائي ممضى في الشريعة ، كقاعدة اليد ، وسلطنة الناس على أموالهم ، وغيرها من القواعد العقلائيّة.
فما في المدارك من الاستدلال على جواز تملّك ما يوجد في دار الحرب ، بل مطلقا : بأنّ الأصل في الأشياء الإباحة ، والتصرّف في مال الغير إنّما يثبت تحريمه إذا ثبت كون المال لمحترم ، أو تعلّق به نهي خصوصا أو عموما ، والكلّ هنا منتف (٣). انتهى ، ضعيف ؛ فإنّ أصل الإباحة إنّما هو في غير مال الغير ، وأمّا مال الغير فالأصل فيه الحرمة.
وأما قوله : والتصرّف في مال الغير إنّما يثبت تحريمه ؛ إلى آخره ، ففيه : أنّ كونه مال الغير بنفسه دليل على حرمة التصرّف فيه من غير رضا مالكه عقلا ونقلا ، فإنّ معنى الملكيّة كون المال له واختصاصه به ، فإباحة تصرّف الغير فيه واستيلائه عليه على الإطلاق من غير استناد إلى طيب نفس مالكه حقيقة أو حكما ينافي حقيقته ، فيمتنع ثبوتها شرعا إلّا
__________________
(١) عوالي اللآلي ٣ : ٢٠٨ / ٤٩.
(٢) كمال الدين : ٥٢١ ، الاحتجاج : ٤٨٠ ، الوسائل : الباب ١ من أبواب كتاب الغصب ، الحديث ٤.
(٣) مدارك الأحكام ٥ : ٣٧٠.